«اللهم هب لي نفسا مطمئنة إليك».
وقد تحدث القرآن عن نوع سيء من الطمأنينة ، لأنها طمأنينة كاذبة تقوم على الاغترار والانخداع ، فقال في سورة الحج : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ ، وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ ، خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ). فليست الطمأنينة هنا هي تلك الطمأنينة الراسخة الثابتة المستقرة ، وإنما هي صورة طمأنينة موقوتة مضطربة قلقة.
ويقرب من هذا الوادي قول الله تعالى : (وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً قَرْيَةً كانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللهِ فَأَذاقَهَا اللهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِما كانُوا يَصْنَعُونَ).
وقال الله تعالى في سورة يونس : «إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا (١) وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ ، أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ». أي إن الذين لا يؤمنون بالبعث ، ولا يطمعون في ثوابنا ، واكتفوا بملذات الحياة وشهواتها ، وركنوا إلى الدنيا ، واغتروا بها ، وغفلوا عن آيات الله وأهملوها ، سيكون مصيرهم النار بما كفروا وفجروا. وقد علق الامام الرازي على هذه الآية بقوله : «صفة السعداء أن يحصل لهم عند ذكر الله نوع من الوجل والخوف ، كما قال تعالى : (إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) ثم إذا قويت هذه الحالة حصلت الطمأنينة في ذكر الله تعالى ، كما قال تعالى : (وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللهِ أَلا بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ).
وصفة الأشقياء ان تحصل لهم الطمأنينة في حب الدنيا ، وفي الاشتغال بطلب لذاتها ، كما قال في هذه الآية : (وَاطْمَأَنُّوا بِها) فحقيقة الطمأنينة عند
__________________
(١) (لا يَرْجُونَ لِقاءَنا) : لا يؤمنون بالبعث.