هو إمالته تعاظما وتكبرا. والمختال هو المتباهي ، والقصد في المشي هو الاعتدال فيه. والغض من الصوت هو نقصه وخفضه.
* * *
والتواضع ضده التكبر ، سواء أكان التكبر بالعلم ، أم بالعبادة ، أم بالنسب ، أم بالجمال ، أم بالمال ، أم بالقوة ، أم بالشهرة ، أم بكثرة الأتباع ، أم بغير ذلك ؛ وإذا كان القرآن الكريم قد حمد التواضع ، ووعد بالخير أهله ، فإنه قد حمل حملة صارمة على التكبر وأهله ، فقال في سورة الأعراف : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ ، وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها ، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ، وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَكانُوا عَنْها غافِلِينَ). وقال : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ). وقال : (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ) وقال : (فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ).
وكذلك حمل رسول الله صلىاللهعليهوسلم على التكبر وأهله حملة زاجرة مؤدّبة ، فقال : «لا يزال الرجل يذهب بنفسه حتى يكتب في ديوان الجبّارين». أي في قوائمهم وسجلهم ، والمراد أنه يكون منهم ويحشر معهم ، ويصيبه من العذاب الأليم ما يصيبهم. ويقول : «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر». وهذا على سبيل التهديد والوعيد ، ويقول «يقول الله عزوجل : العزة إزاري ، والكبرياء ردائي ، فمن نازعني منهما شيئا عذّبته (١)». ولا يتحقق التواضع في نفس الإنسان إلا إذا أزهق دوافع الزهو والخيلاء والكبرياء في نفسه ، ولذلك قال أحمد بن عاطف الأنطاكي : «أنفع التواضع ما نفى عنك الكبر ، وأمات منك الغضب» وكأن المراد
__________________
(١) انظر كتابي «أدب الأحاديث القدسية» ، صفحة ٩١.