الله ، ولا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا حتى يدخله جهنم». والصرف التوبة ، والعدل الفدية.
* * *
ولقد كان رسول الله عليه الصلاة والسّلام المثل الأعلى في الإيثار ، ولذلك روى الغزالي أن سهل بن عبد الله التستري قال : قال موسى عليهالسلام لربه : يا رب ، أرني بعض درجات محمد صلىاللهعليهوسلم وأمته. فقال : يا موسى ، إنك لن تطيق ذلك ، ولكن أريك منزلة من منازله جليلة عظيمة ، فضّلته بها عليك وعلى جميع خلقي. فكشف له عن ملكوت السموات ، فنظر إلى منزلة كادت تتلف نفسه من أنوارها وقربها من الله تعالى ، فقال : يا رب ، بما ذا بلغت به إلى هذه الكرامة. قال : بخلق اختصصته به من بينهم ، وهو الإيثار ، يا موسى ، لا يأتيني أحد منهم قد عمل به وقتا من عمره إلا استحييت من محاسبته ، وبوأته من جنتي حيث يشاء.
وقالت عائشة رضي الله عنها : ما شبع رسول الله صلىاللهعليهوسلم ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا ، ولو شئنا لشبعنا ولكننا كنا نؤثر على أنفسنا.
ومن حول الرسول كان الصحابة الذين ضربوا روائع الأمثلة في الإيثار ، فهذا مثلا عمر بن الخطاب يروي لنا أن رجلا أهدى إلى أحد الصحابة رأس شاة ، فقال المهدى إليه : إن أخي فلانا أحوج إليه مني ، فبعث به إليه ، فقال الثاني : إن أخي فلانا أحوج إليه مني ، فبعث به إليه ، وظل رأس الشاة يتنقل بين سبعة بيوت ، ورجع إلى الأول.
وكان قيس بن سعد بن عبادة مريضا ، فتخلف عن عيادته جمع من معارفه ، فسأل عنهم ، فقيل له : إنهم يستحيون مما لك عليهم من الدّين. فقال : أخزى الله ما لا يمنع الإخوان من الزيارة. ثم أمر مناديا ينادي : من كان لقيس عليه مال فهو منه في حلّ.