حتى قتل ، فذلك في الدرجة الرابعة (١)».
وقال أبو سعيد الخراز : رأيت في المنام كأن فلكين نزلا من السماء فقالا لي : ما الصدق؟ قلت : الوفاء بالعهد. فقالا لي : صدقت». ثم عرجا إلى السماء.
وأعلى درجات الصدق هي درجة الصدق في العبادة ومقامات الدين ، بأدائها والتزامها ، وذلك لأن العبادة تشمل الأقوال والأعمال والأحوال ، ولأن العبادة هي أشرف ما يؤديه الانسان في الحياة ، وقد أشار القرآن الكريم إلى شرف الصدق في العبادة حين قال في سورة الحجرات : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ ، ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ). وحين قال في سورة البقرة : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ ، وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا ، وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ ، أُولئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا ، وَأُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ).
* * *
ومن دلائل تجلّي الصدق في غير الأقوال أن القرآن الكريم قد ذكر الصدق مضافا إليه عدة أشياء ، فجاء فيه : مدخل الصدق ، ومخرج الصدق ، ومقعد الصدق ، ولسان الصدق ، وقدم الصدق. والصدق المراد في هذه الأشياء لا يكاد يبعد عن معنى الحق الثابت المتصل بالله الذي لا يضيع أجر من أحسن عملا. فالقرآن الكريم يقول : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ) أي اجعل دخولي في أي مكان حقا ثابتا لله ولمرضاته. ويقول : (وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ) أي اجعل خروجي حقا ثابتا لله ولمرضاته ، ولذلك كان بعض
__________________
(١) انظر كتابي «الفداء في الاسلام» صفحة ٦٨. وسهم غرب : أي لا يعرف مصدره.