ويدافع عنهم.
ولذلك عاد القرآن الكريم في موطن آخر فطالب رسول الله صلىاللهعليهوسلم بأن يبحث ويتبين حتى يعرف الصادقين ، ليحفظ لهم كرامتهم وشأنهم ويتبين الكاذبين حتى يؤاخذهم بكذبهم ويحذرهم ، فذلك حيث يقول له في سورة التوبة : (عَفَا اللهُ عَنْكَ لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ).
* * *
وما دام الصدق صفة لازمة للرسول ، وكان فضيلة تحلّى بها منذ صباه ، وضرب فيها القدوة المثلى لمن عداه ، فمن الطبيعي أن يدعو اليه ، وأن يحث عليه ، ولذلك جاءت في السنة النبوية المطهرة تلك الكلمات الجوامع مع التذكير بالصدق والأمر به ، فقال عليه صلوات الله وسلامه : «الصدق طمأنينة ، والكذب ريبة». وقال : «عليكم بالصدق». وقال : «تحروا الصدق وإن رأيتم فيه الهلكة ، فإن فيه النجاة». وحينما سئل : أيكون المؤمن كذابا؟. أجاب : لا. وعدّ شهادة الزور ـ وهي لون صارخ من الكذب ـ فاحشة من أكبر الكبائر.
وكذلك أخبرنا أن الصدق سبب الخير ومفتاح البركة ، فقال «ما أملق تاجر صدوق» ، أي ما افتقر ، وقال «البيّعان ـ أي البائع والمشتري ـ بالخيار ما لم يفترقا ، فإن صدقا وبيّنا بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما».
والصدق كما يكون أصلا في القول والحديث ، يكون في أفعال الجوارح إذا كانت على وجهها من الحق والاستقامة والاخلاص ، فهناك صدق في الطاعة إذا عمرها اليقين والاحسان ، وهناك صدق في القتال ، إذا توافر فيه خلوص النية لله عزوجل ، وهناك الصدق في أداء الواجب ، إذا لم يقصّر الانسان في تبعة من