(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً). وفي سورة الحديد : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ).
وهذا كله يدلنا على ما أعطى القرآن الكريم فضيلة «الصدق» من منزلة ومكانة.
* * *
وقد أفاض الامام ابن تيمية في الحديث عن الصدق ومعانيه ومراميه عند الصوفية ، وذلك في كتابه الجليل «مدارج السالكين بين منازل (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» ،) وقد جاء خلال حديثه أن الصدق هو : «الذي تنشأ منه جميع منازل السالكين ، والطريق الأقوم الذي من لم يسر عليه فهو من المنقطعين الهالكين ، وبه تميز أهل النفاق من أهل الإيمان ، وسكان الجنان من أهل النيران ، وهو سيف الله في أرضه ، الذي ما وضع على شيء إلا قطعه ، ولا واجه باطلا إلا أرداه وصرعه ، من صال به لم تردّ صولته ، ومن نطق به علت على الخصم كلمته ، فهو روح الأعمال ، ومحكّ الأحوال ، والحامل على اقتحام الأهوال ، والباب الذي دخل منه الواصلون إلى حضرة ذي الجلال. وهو أساس بناء الدين ، وعمود قسطاس اليقين ، ودرجته تالية لدرجة النبوة التي هي أرفع درجات العالمين ، ومن مساكنهم في الجنات تجري العيون والأنهار إلى مساكن الصديقين ، كما كان من قلوبهم إلى قلوبهم في هذه الدار مدد متصل ومعين».
وقد أمر الله تبارك وتعالى أهل الايمان بالصدق عقب أمره لهم بالتقوى ، فقال في سورة التوبة : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ). وكأن هذا الأمر يتطلب تحقيق شيئين ، أولهما أن يكون المرء صادقا ، والآخر أن يكون في صفّ الصادقين ، يوافقهم ويلازمهم ويؤيدهم