(قالُوا هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ...) إلخ.
وكذلك نجد القرآن يصف رسل الله تعالى عليهم أفضل الصلاة والسّلام بالصدق ، فيقول في سورة يس : (هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ). ويقول في سورة مريم : (وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِسْماعِيلَ إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا). ويقول في سورة الأحزاب : (وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ). ومن المجمع عليه أن الرسول لا بد له من الاتصاف بصفة الصدق.
وإذا كان خلق رسول الله محمد عليه الصلاة والسّلام هو التطبيق العملي لآداب القرآن ، كما أخبرت السيدة عائشة رضي الله عنها ، وإذا كان الحق جل جلاله يقول عنه : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) فمن الطبيعي أن يكون سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم قدوة وأسوة ومثلا في الصدق ، وأن يظهر خلق الصدق فيه منذ نشأته تطبيقا لقول الله سبحانه : (اللهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ). ولذلك نعته قومه قبل بعثته بنعت «الصادق الأمين». ولقد قالت له السيدة خديجة رضي الله عنها عند بدء الرسالة : «إنك لتصدق الحديث». وقال له قومه : «ما جربنا عليك كذبا».
وحينما تواطأ المشركون المعاندون على أن يتهموا رسول الله عليه الصلاة والسّلام بالسحر عارضهم أحدهم ، وكان شديد العداوة للرسول ، وهو النضر بن الحارث ، وقال لهم : «قد كان محمد فيكم غلاما حدثا ، فكان أرضاكم فيكم ، وكان أصدقكم حديثا ، وأعظمكم أمانة ، حتى إذا رأيتم في صدغيه الشيب وجاءكم بما جاءكم به قلتم : ساحر ، والله ما هو بساحر».
وهكذا شهد له أعداؤه ، كما شهد له أولياؤه بالصدق ، ويا لها من شهادة ، فالصدق من أعظم الأخلاق الكريمة ، والقرآن قد قرر أن الرسول صلىاللهعليهوسلم على خلق عظيم ، والقرآن ينوه بالصدق ويرفع شأنه ، فلا عجب في أن يستمسك الرسول بالصدق في كل أحواله ، حتى في مزاحه ، لأن خلقه القرآن ، كما قالت الصديقة بنت الصديق رضوان الله عليهما.