ولا يخادع ، وقد قالوا إن هذا المعنى مختص بالانسان ، لا يكون في غيره من المخلوقات ، وقد وردت كلمة «الصّديق» في القرآن الكريم مرتين ، مرة في سورة النور عند قوله : (أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ) ، ومرة في قوله على لسان الكافرين : (فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ ، وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ).
ومن مادة «الصدق» جاءت كلمة «الصّدقة» ، وهي ما يخرجه الانسان من ماله على وجه التقرب إلى الله ، كالزكاة ، يتحرى به الصدق في فعله ، ويجعله جزءا من البرهان على صدقه في إيمانه واستجابته لربه ، وقد تكرر ذكر «الصّدقة» في القرآن مرات كثيرة ، ويقال لمخرج الصدقة «المتصدق» أو «المصّدّق» بقلب التاء صادا وإدغامها في الصاد ، ومن ذلك قول القرآن في سورة يوسف : (وَتَصَدَّقْ عَلَيْنا إِنَّ اللهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ). وقوله في سورة الحديد : (إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ وَأَقْرَضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ).
وهكذا نرى أن العلاقة بين الصدق والتصديق والصداقة والصدقة والتصدق هي الانتماء إلى الحق والثبوت واللزوم والقوة ، ومن هنا قيل لمهر المرأة : «صداق» لقوة ثبوته ، ولأنه حق لازم.
* * *
ولجلال مكانة «الصدق» وعلوّ شأنه ذكر القرآن الكريم اتصاف الله تبارك وتعالى بصفة الصدق في مواطن كثيرة كقوله في سورة آل عمران : (قُلْ صَدَقَ اللهُ فَاتَّبِعُوا مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً) (١). وقوله في سورة الفتح : (لَقَدْ صَدَقَ اللهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ). وقوله في سورة النساء : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً) وقوله أيضا فيها : (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ قِيلاً) وقوله في سورة الأحزاب :
__________________
(١) حنيفا : مائلا عن كل ضلال وباطل