ـ عرضا وتبعا لا أصالة ـ في غير الخبر من أنواع الكلام ، كالاستفهام والأمر والدعاء ، مثل قول القائل : أمحمد في الدار؟ فإن ذلك يتضمن إخبارا بأن السائل جاهل بحال محمد ، وكذلك إذا قال : ساعدني ؛ فإن ذلك يتضمن أنه محتاج إلى المساعدة ... وهكذا.
وقد يعبّر عن كل فعل فاضل بالصدق ، سواء أكان هذا الفعل ظاهرا أم باطنا ، فيضاف إلى الصدق ذلك الفعل الذي يوصف به ، وعلى هذا جاء في القرآن المجيد قوله تعالى في سورة الإسراء : (وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ ، وَاجْعَلْ لِي مِنْ لَدُنْكَ سُلْطاناً نَصِيراً). وقوله في سورة الشعراء : (وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ) (١) (فِي الْآخِرِينَ). وقوله في سورة الأحقاف (أُولئِكَ الَّذِينَ نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ ما عَمِلُوا وَنَتَجاوَزُ عَنْ سَيِّئاتِهِمْ فِي أَصْحابِ الْجَنَّةِ وَعْدَ الصِّدْقِ الَّذِي كانُوا يُوعَدُونَ). وقوله في سورة يونس : (وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُوا أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ (٢) عِنْدَ رَبِّهِمْ) وقوله في سورة القمر : (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ ، فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ).
وإذا كان الصدق هو إلزام اللسان الاخبار عن الأشياء بما هي عليه ، فإن «التصديق» هو تحقيق صحة هذا الاخبار وتقبّله من سامعه ، وقد وردت مادة «التصديق» في جملة آيات منها قوله في سورة الزمر : (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ). وقوله في سورة الصافات : (قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ). وقوله في سورة التحريم : (وَصَدَّقَتْ بِكَلِماتِ رَبِّها وَكُتُبِهِ وَكانَتْ مِنَ الْقانِتِينَ). وقوله في سورة المعارج : (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ).
ومن مادة «الصدق» جاءت «الصداقة» والصداقة هي صدق الاعتقاد في المودة ، والصديق هو من يصدق في مودته لصديقه ، فلا يرائي فيها ولا ينافق
__________________
(١) أي ذكرا حسنا باقيا.
(٢) قدم صدق : سابقة فضيلة.