في تفسيره «لطائف الاشارات» يتحدث عن قوله تعالى : (وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ...) فيقول : «الناس في المسارعة على أقسام : فالعابدون يسارعون بقدمهم في الطاعات ، والعارفون يسارعون بهممهم في القربات ، والعاصون يسارعون بندمهم بتجرع الحسرات ، فمن سارع بقدمه وجد مثوبته ، ومن سارع بهممه وجد قربته ، ومن سارع بندمه وجد رحمته».
وحينما يتعرض القشيري للتعليق على قوله تعالى : (أُولئِكَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَهُمْ لَها سابِقُونَ) يقول : «مسارع بقدمه من حيث الطاعات ، ومسارع بهممه من حيث المواصلات ، ومسارع بندمه من حيث تجرع الحسرات ، والكلّ مصيب ، وللكل من إقباله ـ على ما يليق بحاله ـ نصيب».
هذا وينبغي أن نتذكر أن المسارعة إلى الخير فيها سبق ، وقد تحدث القرآن الكريم عن السبق في الخيرات ، وعن السابقين الى الطاعات ، فقال عز من قائل في سورة البقرة : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ). وقال في سورة التوبة : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ، وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً ، ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ). وقال في سورة الواقعة : (وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أُولئِكَ الْمُقَرَّبُونَ). وقال في سورة الحديد : (سابِقُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُها كَعَرْضِ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ ، ذلِكَ فَضْلُ اللهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ ، وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ).
نسأل الله عزت قدرته أن يجعلنا من المسارعين الى الخير ، السابقين الى البر ، إنه الرؤوف الرحيم.