فتأثيره في الماضي سدّ أبواب الحجاب عن الله تعالى ، وتأثيره في المستقبل فتح أبواب معرفة الله تعالى.
ولما كان لا نهاية لدرجات جلال الله ، فكذلك لا نهاية للعبد في معارج معرفة الله ، ولا مفتاح لها إلا قولنا : الحمد لله».
وقد يزكي هذا ما روي من أن أول كلمة نطق بها آدم أبو البشر هي : «الحمد لله رب العالمين» وأن هذه الكلمة هي آخر كلمة يذكرها أهل الجنة بدليل قول الله تعالى عنهم : (دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللهُمَّ وَتَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ ، وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).
* *
ومما يدل على مكانة الحمد في حديث القرآن الكريم أن الله تبارك وتعالى افتتح به أول سورة من سور القرآن ، فقال تعالى في بداية سورة الفاتحة : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) وافتتح به سورة الأنعام فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ). وافتتح به كذلك سورة الكهف فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً) وافتتح به سورة سبأ فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَهُ الْحَمْدُ فِي الْآخِرَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ). وافتتح به سورة فاطر فقال : (الْحَمْدُ لِلَّهِ فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ جاعِلِ الْمَلائِكَةِ رُسُلاً أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ ما يَشاءُ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
وهذا الافتتاح المتكرر بالحمد في هذه السور الكريمة يذكرنا بما رواه أبو داود وابن ماجه أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أقطع». وفي رواية : «كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم». والأقطع هو الناقص قليل البركة ، والأجذم مثله.
وقد وصف الله تعالى ذاته القدسية بصفة الحمد ، فجاء في القرآن قوله : (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ). وقوله : (إِنَّهُ حَمِيدٌ مَجِيدٌ). وقوله : (فَإِنَ