تكون لأفرادها فضيلة التقوى تكون لها من هذه الفضيلة صفات اجتماعية مختلفة ، يؤدي مجموعها إلى صفة تاريخية واحدة ، وهي أنها خير أمة ، على هذا جاء قوله تعالى (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ).
وعلى أساس هذا التصور العميق لرسالة الاسلام ذكر الرافعي في تعريف التقوى أنها فضيلة أراد بها القرآن الكريم إحكام ما بين الانسان والناس ، وإحكام ما بين الانسان والخالق ، ولذلك كان المراد من حديث القرآن عن التقوى في أكثر الآيات أن يتقي الانسان كلّ ما فيه ضرر لنفسه ، أو مضارّة لغيره.
ولو رجعنا بعد هذا التمهيد إلى القرآن المجيد لوجدناه يدعو إلى التقوى ويحث عليها ويأمر بها ، ولقد ورد قوله تعالى : (اتَّقُوا اللهَ) عشرات المرات في كتابه العزيز ، وقال في سورة البقرة (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ). وقال في سورة الاعراف : (وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ). وقال عن المؤمنين في سورة الفتح : (وَأَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى وَكانُوا أَحَقَّ بِها وَأَهْلَها). وقال في سورة الأنفال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ). ويحدثنا القرآن بأن دعوة الأنبياء كنوح وهود وصالح ولوط وشعيب والياس لأقوامهم كانت قولهم «أَلا تَتَّقُونَ). وقد تكرر هذا التعبير القرآني ستّ مرات.
* *
والقرآن الكريم يعطينا ملامح عن صفات أهل التقوى ، فيذكر لنا ان سماتهم التذكر الذي تتبعه التوبة والعودة إلى سواء السبيل ، فيقول في سورة الأعراف : (إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ). ويذكر أن من سماتهم الاحسان في الطاعة ، والاتقان في العمل ،