ويقول في سورة الأحزاب : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَلِيماً). ويقول في سورة فاطر : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا ، وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كانَ حَلِيماً غَفُوراً). ويقول في سورة التغابن : (إِنْ تُقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً يُضاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ).
* * *
وقد عرفنا أن الحلم في الأصل هو الأناة وضبط النفس ، ولكن الحلم بالنسبة الى الله تعالى هو الإمهال بتأخير العقوبة على الذنب ، ولذلك قال ابن الأثير في شرح اسم «الحليم» إنه الذي لا يستخفه شيء من عصيان العباد ، ولا يستفزه الغضب عليهم. فقد جعل لكل شيء مقدارا وميقاتا فهو منته اليه. وذكر القرطبي في تفسيره «الحلم» بالنسبة الى الله سبحانه ما يفيد معنى طرح المؤاخذة ، وأنه باب رفق وتوسعة ، وقد يذكّرنا هذا بقول الله جل جلاله : (وَلَوْ يُعَجِّلُ اللهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ فَنَذَرُ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ).
* * *
فإذا انتقلنا الى رحاب الصوفية لتبين حديثهم عن «حلم الله» لوجدنا عبد الكريم القشيري في كتابه «التحبير في التذكير» يورد هذه العبارة : «قيل : الحلم تأخير العقوبة عن المستحق لها ، فيكون من صفات فعله يوصف به في الأزل ، وقال أهل الحق : حلمه إرادته تأخير العقوبة ، فهو من صفات ذاته ، لم يزل حليما ولا يزال ، فيؤخر العقوبة عن بعض المستحقين ، ثم قد يعذبهم ، وقد يتجاوز عنهم ، ويعجل العقوبة لبعضهم ، فالأمر في ذلك على ما سبق به الحكم في الأزل ، وتعلقت به الإرادة والعلم».
وينبغي أن نلحظ في الآيات الكريمة التي وصفت الله سبحانه بصفة الحلم