وأساس الاستقامة في الاسلام ـ كما يصورها القرآن المجيد ـ هو الاهتداء إلى طريق الله سبحانه ، والايمان به موجدا وربا ، وإفراده بالعبودية له ، والعبادة لوجهه ، وعدم الانصراف إلى سواه ، لأنه : لا إله إلا الله ، هو الله أحد ، الله الصمد ، لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، ومهما تعددت الطرق ، أو تكاثرت السبل ، أو ضل في الكون ضالون ، فافتروا آلهة أو معبودات ، من إنس أو جن أو نبات أو جماد ، فالمؤمن المستقيم ثابت على طريق الوحدانية ، دائم في إخلاص العبادة لربه ، ملازم طريقه وحده ، لا يحيد عنه ، وقد أشار القرآن الحكيم إلى ذلك حين قال : (وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ، وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ، ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ). وحين قال : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). وحين قال : (وَإِنَّ اللهَ لَهادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ). وحين قال : (إِنَّكَ لَتَدْعُوهُمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ).
وهذا هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول : «الاستقامة ألا تشرك بالله شيئا». وقد قال العلماء إنه يريد بذلك الاستقامة على محض التوحيد ، لأن من استقام على صدق التوحيد لله استوى على الصراط المستقيم في أعماله وأقواله ، وفي أفكاره وخواطره «صبغة الله (١) ، ومن أحسن من الله صبغة ، ونحن له عابدون».
وفي هذا الفلك يدور قول ابن تيمية عن أهل الاستقامة «استقاموا على محبة الله وعبوديته ، فلم يلتفتوا عنه يمنة ولا يسرة».
* * *
وإذا كانت الاستقامة اعتدالا واستواء ، وحفظا للحقوق ، والتزاما
__________________
(١) صبغة الله : المراد طريق الله وشريعته المطهرة.