المستقيم من عباده : (أَمَّنْ هُوَ قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ). فالخائف ينبغي له ليستقيم على الصراط أن يوازن بين الخوف والرجاء.
وهذا يؤدي بنا الى بحث أمر يتعلق بموضوعنا ، ويدور حول السؤال التالي : أيجعل الانسان الخوف أكثر أم يجعل الرجاء أكثر؟. ولقد قال السلف إنه ينبغي تغليب الخوف على الرجاء ما دام الانسان يغدو ويروح في الدنيا ، فإذا خرج منها حسن به تغليب الرجاء على الخوف عند ذلك.
وقال آخرون : ينبغي أن يكون الغالب على القلب هو الخوف ، ويرى آخرون أن أكمل الأحوال هو اعتدال الرجاء والخوف ، وللامام ابن القيم عبارة جميلة في هذا المقام يقول فيها : «القلب في سيره إلى الله عزوجل بمنزلة الطائر ، فالمحبة رأسه ، والخوف والرجاء جناحاه ، فمتى سلم الرأس والجناحان فالطائر جيد الطيران ، ومتى قطع الرأس مات الطائر ، ومتى فقد الجناحان فهو عرضة لكل صائد وكاسر».
ويرى الامام الغزالي في المسألة رأيا آخر له وجاهته ، فهو يرى أن الخوف والرجاء دواءان يداوى بهما القلوب ، ففضلهما بحسب الداء الموجود ، فإن كان الغالب على القلب داء الأمن من مكر الله تعالى والاغترار به ، فالخوف أفضل ، وإن كان الأغلب هو اليأس والقنوط من رحمة الله فالرجاء أفضل ، وكذلك إن كان الغالب على الانسان المعصية فالخوف أفضل ، ثم يرى حجة الاسلام أن الأصلح لأكثر الناس هو الخوف لغلبة المعاصي عليهم.
وبعد ، فالخوف من الله أدب من آداب الاسلام ، وخلق من أخلاق القرآن ، وفضيلة تعلّم الانسان الخضوع لله ، والعزة على من سواه ، وتعوده المراقبة لخالقه ومولاه ، فهو يعتبر بقول رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «العبد المؤمن بين مخافتين : بين أجل قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه ، وبين أجل