بأمه التي تصلي خلف الرسول الأكرم صلىاللهعليهوسلم ، حتى لا تقلق على وليدها.
وقد علمنا عليه الصلاة والسّلام كيف نتحلى بفضيلة الرحمة في كثير من المواطن ، وقد فصلت السنة هذه المواطن ، ومنها موطن المعاملة للخدم والفعلة الذين يعملون ، فقال : «من كان أخوه تحت يده (أي يخدمه) فليطعمه مما يأكل ، وليلبسه مما يلبس ، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم فإن كلفتموهم فأعينوهم».
وها هو ذا صلوات الله وسلامه عليه يرى عائشة تركب جملا توجهه يمينا وشمالا في شيء من الحدة ، فقال لها : يا عائشة ، عليك بالرفق ، فإنه لا يدخل في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلا شانه».
هذا ومعنى الرحمة قريب من معنى الرفق ، وقد تحدث الغزالي في «إحياء علوم الدين» عن فضيلة الرفق فقال : «اعلم أن الرفق محمود ، ويضاده العنف والحدة ، والعنف نتيجة الغضب ، وقد يكون سببها شدة الحرص واستيلاؤه ، بحيث يدهش عن التفكر ، ويمنع من التثبت ، فالرفق في الأمور ثمرة لا يثمرها إلا حسن الخلق ، ولا يحسن الخلق إلا بضبط قوة الغضب وقوة الشهوة ، وحفظهما على حد الاعتدال.
ولأجل هذا أثنى رسول الله صلىاللهعليهوسلم على الرفق ، وبالغ فيه ، فقال : «يا عائشة. إنه من أعطي حظّه من الرفق فقد أعطي حظه من خير الدنيا والآخرة ، ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من خير الدنيا والآخرة».
ثم ساق طائفة كريمة من الأحاديث ، أسانيد بعضها ضعيفة ، ونترك هذا الضعيف ، ونورد ما يلي :
١ ـ إن الله ليعطي على الرفق ما يعطي على الخرق (١) ، وإذا أحب الله عبدا
__________________
(١) الخرق : الحمق وسوء التصرف.