يقدّر صنيع الناس الجميل معه ، ولا يشكرهم عليه يكون مقصرا في حق الله عزوجل ، وقد جاء في كتاب «النهاية» أن الله تعالى لا يقبل شكر الانسان على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ، ويكفر معروفهم ، لاتصال أحد الأمرين بالآخر. وقيل : إن معنى الحديث هو ان من كان من طبعه وعادته كفران نعمة الناس وترك الشكر لهم كان من عادته كفر نعمة الله وترك الشكر له. وقيل : معناه أن من لا يشكر الناس كان كمن لا يشكر الله وإن شكره ، كما يقول : لا يحبني من لا يحبك ، أي أن محبتك مقرونة بمحبتي ، فمن أحبني يحبك ، ومن لم يحبك فكأنه لم يحبني. وفي رواية : «من لا يشكر الناس».
وقد أرشد الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ الى طريق الشكر للناس بقوله : «من أعطي عطاء فوجد فليجز به ، ومن لم يجد فليثن ، فإن من أثنى فقد شكر ، ومن كتم فقد كفر». ويقول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «من صنع إليكم معروفا فكافئوه ، فإن لم تجدوا ما تكافئون به فادعوا له ، حتى تروا أنكم قد كافأتموه».
وعن أنس ـ رضي الله عنه ـ قال : لما قدم النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ المدينة أتاه المهاجرون فقالوا : يا رسول الله ، ما رأينا قوما أبذل من كثير ، ولا أحسن مواساة من قليل ، من قوم نزلنا بين أظهرهم ـ يعنون الأنصار ـ لقد كفونا المؤونة ، وأشركونا في المهنأ ـ أي محل الهناء والسرور ـ حتى لقد خفنا أن يذهبوا بالأجر كله ، فقال النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «لا ، ما دعوتم لهم وأثنيتم عليهم».
وكذلك جاء في الحديث : «من صنع إليه معروف فقال لفاعله : جزاك الله خيرا ، فقد أبلغ الثناء». وهذا بالنسبة للعاجز غير القادر على الشكر المادي ، وجملة : «جزاك الله خيرا» فيها ثناء بليغ ، لأن فيها معنى الاعتراف بالعجز عن الشكر ، وقائلها قد دعا الله ورجاه بأن يثيب صاحب المعروف