«كنا نتحدث أن السكينة تنطق على لسان عمر وقلبه».
وروي أن عبد الله بن مسعود قال :
«ما كنا نبعد أن السكينة تنطق على لسان عمر» ، وفي رواية أنه قال : «كنا أصحاب محمد صلىاللهعليهوسلم لا نشك أن السكينة تتكلم على لسان عمر». وأغلب الظن أن مرادهم بالسكينة هنا هو أثرها وثمرتها ، وهو الحكمة ، وان كان هناك من فسرها بالوقار والسكون والرحمة.
والسكينة كذلك هدوء في القلب ينزله الله تعالى على عبده عند اضطراب القلب من المخاوف او الأهوال ، فلا يزلزله الانزعاج ، بل يثبته الله ويوطده ، ويزيد في إيمانه ويقينه ، ولذلك نجد القرآن الكريم يخبرنا بأن الله تعالى جمّل رسوله صلوات الله وسلامه عليه بحلية السكينة في مواطن الهول والقلق ، كيوم «غار ثور» في الهجرة ، ويوم أحد حين فرّ من فر ، ويوم حنين إذ اشتد البأس على المؤمنين ، ويوم الأحزاب حينما بغى الكفران محاولا البطش بالايمان ، ويوم الحديبية حينما حاول الكفار أن يتحكموا في المسلمين ... الخ
ولعل أسمى درجة للسكينة هي تلك السكينة التي كانت تثبّت قلب النبي حين نزول الوحي عليه ، ويا له من موقف جليل رهيب.
* *
والسكينة التي تحدث عنها القرآن الكريم بشأن رسوله والمؤمنين هي ما يعمر الله به قلوبهم من القوة والروح والنور ، وبذلك يذهب الخوف ، ويبعد الحزن ، ويزول القلق ، والله جل جلاله يقول في سورة التوبة :
(ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ ، وَأَنْزَلَ جُنُوداً لَمْ تَرَوْها ، وَعَذَّبَ الَّذِينَ كَفَرُوا ، وَذلِكَ جَزاءُ الْكافِرِينَ). ولا يشترط هنا أن يكون الإنزال إنزالا مكانيا من اعلى الى ادنى ، بل قد يكون معناه : خلق وأوجد ، على حد قوله تعالى : (وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ).