الصّحيحين أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ثم عرج بى إلى السّماء الثانية فاستفتح جبريل ففتح لنا ، وإذا أنا بابنى الخالة عيسى بن مريم ويحيى بن زكريّا ، فرحّبا ودعوا لى بخير» (١). وفى مسند أبى يعلى الموصلىّ بسند عن ابن عبّاس أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «ما أحد من ولد آدم إلّا قد أخطأ أو همّ بخطيئة ، ليس يحيى بن زكريا» فى سنده علىّ بن زيد بن جدعان وهو ضعيف ، ويوسف بن مهران وهو مختلف فيه.
قال الثعلبىّ كان مولد يحيى قبل مولد عيسى بستّة أشهر. وقال الكلبىّ : كان زكريّا يوم بشّر بالولد ابن ثنتين وتسعين سنة ، وقيل تسع وتسعين سنة ، وعن ابن عبّاس :كان ابن عشرين ومائة ، وكانت امرأته بنت ثمان وتسعين سنة.
قال كعب الأحبار : وكان يحيى حسن الصورة والوجه ، ليّن الجناح ، قليل الشّعر (٢) ، قصير الأصابع ، طويل الأنف ، مقرون الحاجبين ، رقيق الصّوت ، كثير العبادة ، قويّا فى طاعة الله تعالى ، وساد النّاس فى عبادة الله تعالى وطاعته. وقالوا فى قوله تعالى : (وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا)(٣) قيل : إنّ يحيى قال له أترابه من الصبيان اذهب بنا نلعب ، فقال : ما للّعب خلقت. وقيل إنّه نبّئ صغيرا ، وكان يعظ الناس ويقف لهم فى أعيادهم ومجامعهم ويدعوهم إلى الله تعالى ، ثمّ ساح يدعو الناس (٤).
واتفقوا على أنّه / قتل ظلما شهيدا. وغضب الله على قاتليه وسلّط عليهم بختنصر (٥) وجيوشه ، وكان وعد الله مفعولا. قال بعضهم :
ألا طهّر فؤادك واقض سعيا |
|
وعارض بالنّهى أمرا ونهيا |
طوى كشحا عن الكونين طرّا |
|
نبىّ الله فى موت ومحيا |
حياة كله حيّا وميتا |
|
لذاك الله سمّاه بيحيى |
__________________
(١) أخرجه الشيخان والإمام أحمد والنسائى عن مالك بن صعصعة (الفتح الكبير).
(٢) لم ترد هذه العبارة فيما نقله صاحب نهاية الأرب عن كعب الأحبار.
(٣) الآية ١٢ سورة مريم.
(٤) نهاية الأرب (ج ١٤ / ٢٠١) قصص الأنبياء للثعلبى / ٣٦١ وفيها : «ثم ساح ودخل الشام يدعو الناس».
(٥) يقال فى اسمه بختنصر (بتشديد الصاد وإسكانها) ، ويقال فيه : بختناصر ، ويقال أيضا (بنوخذنصر) و (بنوكدنصر) ، وفى العهد القديم / ٦٢٩ : «نبوخذ ناصر» وهو ملك بابل.