٣ ـ بصيرة
فى ذكر نوح عليهالسلام
ونوح اسم أعجمىّ ، والمشهور صرفه لسكون وسطه ، وقيل : يجوز صرفه وترك صرفه ، قال الله تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ)(١). وقيل : عربىّ واشتقاقه من النّوح ، ناح ينوح نوحا ونواحا ونياحا ونياحة ، فقيل له نوح لأنّه أقبل على نفسه باللّوم وناح عليها. واختلفوا فى سبب ذلك ، فقيل : سببه أنّه عاب على صورة كلب وقبّحه ، فأوحى إليه هل تعيب الصّورة أو المصوّر؟ فعرف أنّه قد أخطأ ، واشتغل بلوم نفسه ، وقيل : لأنّه دعا على قومه بقوله : (لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً)(٢) ، وقيل : بل لأنّه كان ينوح على قومه ويتأسّف لكونهم غرقوا بلا توبة ورجوع إلى الله ، وقيل غير ذلك. وفى الحديث «إذا أراد الله بعبد خيرا أقام فى قلبه نائحة». قال :
سر فى بلاد الله سيّاحا |
|
وكن على نفسك نوّاحا |
وامش بنور الله فى أرضه |
|
كفى بنور الله مصباحا |
وفى الحديث : «النّياحة من عمل الجاهليّة» (٣) وفيه : «من نيح [عليه] يعذّب بما نيح عليه» (٤) يعنى إذا أوصى به. قال :
وفتى كأنّ جبينه قمر الضّحى |
|
قامت عليه نوائح ورواجس |
غرس الفسيل مؤمّلا لثماره |
|
فنما الفسيل ومات [قبل] الغارس |
وقد ذكر الله تعالى نوحا فى القرآن العظيم وسمّاه بثلاثين اسما ، فسمّاه : مرسلا بقوله : (كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ)(٥) ، ورسولا : (إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ)(٦) ، ونذيرا ومبينا :
__________________
(١) الآية ٣ سورة الإسراء
(٢) الآية ٢٦ سورة نوح
(٣) أخرجه ابن ماجه عن ابن عباس (الفتح الكبير)
(٤) أخرجه الشيخان والترمذى وأحمد عن المغيرة (الفتح الكبير)
(٥) الآية ١٠٥ سورة الشعراء
(٦) الآية ١٠٧ سورة الشعراء