٣٥ ـ بصيرة
فى ذكر ثمود
وهم قوم صالح ، وقد قدّمنا أنّهم سمّوا بهذا الاسم لقلّة مائهم. والثّمد : الماء القليل ، وكانوا سبعمائة (١) قبيلة ، كلّ قبيلة لها عدد لا يحصيه إلّا الله تعالى ، وكان لهم بئر واحدة بوادى القرى من ديار الحجر (٢) ، قال تعالى (كَذَّبَ أَصْحابُ الْحِجْرِ الْمُرْسَلِينَ)(٣) ، وقال تعالى (جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ)(٤). وكانوا من القوّة والمهارة والحذاقة بحدّ يبنون من الصّخر الأصمّ والجبل الراسى بيتا عظيما منحوتا. وهم كانوا أيضا شعبا من عاد قوم هود ، وهم الّذين قيل لهم عاد / الأولى. وقيل لثمود عاد الأخرى.
ولمّا دعاهم صالح إلى الله طلبوا منه المعجزة ، فقال عيّنوا لى ما شئتم. فقالوا : على سبيل الاستهزاء أخرج لنا ناقة من هذا الحجر ، فأوحى الله إليه إنّا قد خلقنا ناقة فى قلب هذه الصّخرة منذ أربعة آلاف سنة ، وقد ضاق صدرها وضاق مكانها ، فادع الله بخلاصها من هذا المضيق ، فدعاه تعالى فانشقت الصّخرة من ساعته ، وخرجت ناقة ونتجت فى الحال. ولم يترك القوم تمرّدهم وتكذيبهم فأشركها الله معهم فى الماء ، وظنّوا أنّها تضيّق عليهم فقصدوها وعقروها ، وكان سبب دمارهم وخراب ديارهم. فذكرهم (٥) الله عزوجل فى مواضع من القرآن. وقال (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها)(٦) ، وقال (وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً)(٧) وقال : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً)(٨) ، وقال : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا إِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً أَنِ اعْبُدُوا اللهَ فَإِذا هُمْ فَرِيقانِ يَخْتَصِمُونَ)(٩) ، وقال : (وَعادٌ وَثَمُودُ وَقَوْمُ إِبْراهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ
__________________
(١) فى نهاية الأرب (١٣ / ٧١) عن الكسائى فى قصصه : قال كعب : وكانوا بضع عشرة قبيلة فى كل قبيلة زيادة عن سبعين ألفا
(٢) ما بين الحجاز إلى الشام
(٣) الآية ٨٠ سورة الحجر
(٤) الآية ٩ سورة الفجر
(٥) فى ا ، ب : فشكاهم.
(٦) الآية ١١ سورة الشمس
(٧) الآية ٥٩ سورة الإسراء
(٨) الآية ٧٣ سورة الأعراف
(٩) الآية ٤٥ سورة النمل