فى الرّسالة : لم يكن الخضر نبيّا وإنّما كان وليّا. وقال قاضى القضاة الماوردىّ فى تفسيره : «قيل : هو ولىّ ، وقيل : نبىّ ، وقيل : من الملائكة ، وهذا الثالث غريب ضعيف أو باطل. وفى صحيح مسلم فى حديث الدّجّال أنّه يقتل رجلا ثمّ يحييه ، قال إبراهيم بن سفيان صاحب مسلم : يقال إنّ ذلك الرّجل هو الخضر. وكذا قال معمر : إنّه يقال إنّه الخضر.
وقال الثّعلبىّ : اختلفوا فى أنّ الخضر كان فى زمن إبراهيم الخليل أو بعده بقليل أو بكثير ، ثم قال : والخضر على جميع الأقوال (١) نبىّ معمّر محجوب عن الأبصار. قال : وقيل إنّه لا يموت إلّا فى آخر الزمان حين يرفع القرآن. وقيل : إنّ الخضر على طبع الناس / إنسىّ ملكىّ ، أرضىّ سماوىّ ، موكّل على البحار لغوث الغريق ، مستغن عن الطعام والشّراب ، وفى الشريعة والعبادة موافق لأمّة النبىّ صلىاللهعليهوسلم ، ويعتكف فى شهر رمضان هو وإلياس فى الجامع الأقصى من بيت المقدس ، ويحضران عرفة مع الحاجّ ، ويجتمعان فى السّنة مرتين : مرة فى الحج ، ومرّة فى أيّام الاعتكاف.
ولمّا قال لموسى (هذا فِراقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ)(٢) واضطر موسى إلى المفارقة قال له : يا نبىّ الله أوصنى. فقال : كن بشّاشا ولا تكن غضّابا ، وكن نافعا ولا تكن ضارا ، وانزع عن اللّجاجة ، ولا تمش فى غير حاجة (٣) ، ولا تضحك من غير عجب ، ولا تعيّر الخطّائين بخطاياهم ، وابك على خطيئتك يا بن عمران. قال بعضهم :
تعاون فى التّقى والبرّ (م) فى أوقات إمكان |
|
صديق الخير والصدّيق عند الله سيّان |
قرين الشرّ بالإجماع من أقران هامان |
|
[وصديق] الصّدق مقرن كخضر وابن عمران |
__________________
(١) راجع فى ذلك وما يليه الفتوحات المكية
(٢) الآية ٧٨ سورة الكهف
(٣) عبارة قصص الأنبياء للثعلبى : وإياك واللجاجة ولا تكن مشاء فى غير حاجة.