ومعهما سارة امرأة إبراهيم ، وخرج معها آزر أبو إبراهيم مخالفا لإبراهيم فى دينه ، مقيما على كفره ، حتّى وصلوا حرّان ، فمات آزر ومضى إبراهيم ولوط وسارة إلى الشّام ، ثمّ مضوا إلى مصر ثمّ رجعوا إلى الشّام ، فنزل إبراهيم فلسطين ، ونزل لوط الأردنّ ، فأرسله الله تعالى إلى أهل سدوم وما بينهما ، وكانوا كفّارا يأتون الفواحش ، ومنها إتيان الذّكران ما سبقهم بها من أحد من العالمين ، ويتضارطون فى مجالسهم ، فلمّا طال تماديهم فى غيّهم ولم ينزجروا دعا عليهم لوط وقال : (رَبِّ انْصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ)(١) فأجاب الله دعاءه وبعث جبريل وميكائيل وإسرافيل عليهمالسلام لإهلاكهم وبشارة إبراهيم بالولد ، فأقبلوا فى صورة رجال مرد حسان ، فنزلوا على إبراهيم ضيفانا وبشّروه بإسحاق ويعقوب. ولمّا جاء آل لوط العذاب فى السّحر اقتلع جبريل قريات لوط الأربع ، فى كلّ قرية مائة ألف ، ورفعهنّ على جناحه بين السّماء والأرض حتى سمع أهل الدّنيا نباح كلابهم وصياح ديكتهنّ ثمّ قلبهنّ فجعل عاليها سافلها وذلك قوله تعالى : (جَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وَأَمْطَرْنا عَلَيْها حِجارَةً مِنْ سِجِّيلٍ مَنْضُودٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ)(٢). وهلكت امرأة لوط مع الهالكين. قال أبو بكر بن عيّاش (٣) : استغنت رجالهم برجالهم ، ونساؤهم بنسائهم ، فكان عليهم من العذاب ما كان. قال بعضهم :
طهّر فؤادك واحتضنه محوطا |
|
لا تمنحنه قساوة وقنوطا |
/ إنّ الّذين استبدلوا من طيّب |
|
خبثا رأوا فى إثر ذاك حبوطا |
بحجارة منضودة موسومة |
|
الله أمطرها فشدّ سقوطا |
جعلت أعالى دارهم كأسافل |
|
وأباد خضراهم ونجّى لوطا |
__________________
(١) الآية ٣٠ سورة العنكبوت.
(٢) الآيتان : ٨٢ ، ٨٣ سورة هود.
(٣) انظر قصص الأنبياء للثعلبى / ١٠١.