يسبقنا بهدم ما نريد أن نستدلّ به في الشهادة الثالثة ، مدّعياً بأنْ ليس للشيعة حديثٌ واحد عن أئمّتهم ـ وإن كان ضعيفاً ـ في مشروعيته ، وأنّ السيرة جاءت فيه متأخّرة عندهم ، متجاهلاً تفريق علماء الشيعة بين المحبوبية والجزئية .
فالشيعة لم تذهب يوماً ما إلى جزئيتها ولم تنقل عن رسول الله صلىاللهعليهوآله وأبنائه عليهمالسلام أنّهم أذّنوا بها على نحو الجزئية أو أنّهم أمروا الشيعة بالأذان بها حتّى يُطالَبوا بالدليل ، وأنّ عدم تأذين المعصوم بالشهادة الثالثة لا يعني عدم محبوبيته عنده بل يؤكّد عدم جزئيتها ، لأنّ المعصوم لا يترك أمراً واجباً .
كما لا يمكن نسبة تأذين المفوّضة بالشهادة الثالثة على نحو الجزئية إلى الشيعة إذ أخرجهم الشيخ الصدوق رحمه الله من جملة المذهب ، بقوله : « كي لا يعرف المدلّسون أنفسهم في جملتها » .
وعليه ، فما قاله الكاتب لا ينهض بأي دليل ، فكما أنّ الإثبات يحتاج إلى دليل ، فالنهي يحتاج إلى دليل أيضاً . فلا يجوز نسبة شيءٍ إلى أحد بلا دليل ( قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ ) (١) .
إنّ عمل الكاتب دعاني في الإسراع لإخراج كتابي الثالث « أشهد أنَّ عليّاً ولي الله بين الشرعية والابتداع » قبل الثاني « الصلاة خير من النوم شرعة أم بدعة » ، حتّى أجيب عن بعض الشبهات الواردة على هذه الشعيرة إلى ذلك الحين .
وبعد فترةٍ وقفتُ على كتابه الثاني « الصلاة خير من النوم حقيقة أم اتّهام » ورأيته كالأوّل كتاباً إعلاميّاً وليس علميّاً ، وأغلب ما قدّمه في الشهادة الثالثة كرّره في كتابه الثاني
______________________
(١) يونس : ٥٩ .