ذكر المؤلف ذلك على سبيل الاحتمال دون الإشارة إلى ما يؤيده من الأخبار ، ولم نعهد أحد استدل بصلاة أبي بكر أو بكثرة صلاته في الغار على خلافته ، وهذا ما يجعلنا ان نترك هذا الاحتمال ، ولعل كاتبه كان يقصد ما نريد قوله في الاحتمال الثالث فسها قلمه وقال بصلاة أبي بكر في الغار لا صلاة أبي بكر مكان رسول الله .
أمّا الاحتمالان الآخران فهما قريبان إلى الواقع ، وإن كان الثالث منهما هو الأرجح بنظرنا .
الاحتمال الثاني :
أن تكون الجملة السابقة إشارة إلى وجود اتجاهين في الشريعة بعد وفاة رسول الله :
أحدهما يعتقد بعمق الرسالة ومكانة الرسول ، ولزوم طاعته صلىاللهعليهوآله وعدم جواز مخالفته ، لدلالة آيات كثيرة عليها ، منها قوله تعالى : ( إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) (١) ، وقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا ) (٢) ، وقوله تعالى : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) (٣) .
والآخر : يتعامل معه كانسان عاديّ يصيب ويخطئ ، ويقول في الغضب ما لا
______________________
(١) سورة النور : ٥١ .
(٢) سورة الأحزاب : ٣٦ .
(٣) سورة النساء : ٦٥ .