وفي نصوص أخرى عن عائشة يتبيّن منها أنّ سبب سعيها كان لإرجاع النبيّ عن رأيه ، فتقول :
وما حملني على كثرة مراجعته إلّا أنّه لم يقع في قلبي أن يُحبّ الناس بعده رجلاً قام مقامه أبداً ، ولا كنت أرى أنّه لن يقوم أحد مقامه إلّا تشاءم الناس به ، فأردتُ أن يعدل ذلك رسول الله صلىاللهعليهوآله عن أبي بكر (١) .
وفي نصّ آخر : فراجعتُه مرّتين أو ثلاثة ليصلّي بالناس أبو بكر ، [ فقال ] فإنكنَّ صواحب يوسف (٢) .
إذن تكرار هذه الجملة لحفصة وعائشة « فإنكنّ صواحب يوسف » يؤكّد عدم ارتياح النبيّ من فعلهنّ ، وقد يكون فيه إشارة إلى مكرهنّ وأنّهنّ كنّ وراء مخطّط تنصيب ابن أبي قحافة للصلاة في مرض النبي .
فلو كان الرسول هو الذي عيّن أبا بكر للصلاة لما رجع باللوم عليهنّ ، ولا بادر إلى الخروج إلى المسجد وهو على تلك الحال .
إذن ، فجملة « فإنكنّ صواحب يوسف » وأمثالها ليست كما فسّروها ، لأنّ ما قالوه يعني أنّ النبيّ وضع المَثل في غير موضعه ! مع أنّه إمام الفصاحة والبيان « أُوتيتُ جوامعَ الكَلِم » ، فلا يُعقل أن يكون هذا النص صادراً عن رسول الله لعدم امتثالهنّ لأوامره في تعيين أبي بكر للصلاة ، بل الأمر هو عكس ذلك ، فإنّ
______________________
(١) صحيح مسلم ٢ : ٢٢ باب استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ، الطبقات الكبير ٢ : ١٨ باب ذكر أمر رسول الله أبا بكر يصلّي بالناس في مرضه ، السنن الكبرى للبيهقي ٨ : ١٥٢ باب ما جاء في تنبيه الإمام على من يراه أهلاً للخلافة بعده ، مسند أبي عوانة ٢ : ١٥٢ باب الصلاة .
(٢)