|
قلت وفيما قاله الحافظ من الفرق بين بلاغات الموطأ ومعلقات البخاري نظر ، فلو أمعن النظر في الموطأ كما أمعن النظر في البخاري لعلم انّه لا فرق بينهما ، وما ذكره من انّ مالكاً سمعها كذلك غير مسلَّم ، لأنّه يذكر بلاغاً في رواية يحيى مثلاً أو مرسلاً فيرويه غيره عن مالك موصولاً سنداً ، وما ذكر من كون مراسيل الموطأ حجة عند مالك ومن تبعه دون غيرهم مردود بأنّها حجة عند الشافعي وأهل الحديث لاعتقادها كلّها بمسند كما ذكره ابن عبد البر والسيوطي وغيرهما ، وما ذكره العرافي ان من بلاغاته ما لا يعرف مردود بان ابن عبد البر ذكر ان جميع بلاغاته ومراسيله ومنقطعاته كلّها موصولة بطرق صحاح إلا أربعة ، وقد وصل ابن الصلاح الأربعة بتأليف مستقل ، وهو عندي وعليه خطه ، فظهر بهذا انّه لا فرق بين الموطأ والبخاري ، وصح ان مالكاً أول من صنف في الصحيح كما ذكره ابن العربي وغيرهم فافهم (١) . |
وقال الكتاني في الرسالة المستطرفة عن البخاري وموطّأ مالك :
... وأول من صنّف في الحديث المجرد على ما قاله غير واحد الإمام أبو عبد الله البخاري ، وكانت الكتب قبله مجموعة ممزوجاً فيها الصحيح وغيره ، ولا يرد على هذا موطأ مالك ، فإنّها قبل البخاري وهي مخصوصة بالصحيح أيضاً ، لأنّ مالكاً أدخل فيها المرسل والمنقطع والبلاغات ، وليست من الصحيح على رأي جماعة خصوصاً المتأخرين .
______________________
(١) الرسالة المستطرفة : ٥ ـ ٦ .