اجتهادياً عائداً إليه وأنّها ليست أمراً توقيفياً من قبل الله ، وهذا الاعتقاد هو الذي سمح لهم بالزيادة والنقصان في فصول الأذان .
ومن هذا القبيل جاء دعواهم في كون تشريع الأذان منامي وليس بسماوي ، في حين أنّنا نعتقد خلاف ذلك تماماً .
فعقيدتنا أنّ رسول الله لا يأتي بشيء من عند نفسه ، بل أنّه كان ينتظر قدوم الوحي عليه لإبلاغه الأحكام جزئيها وكليها ، أي أنّه كان رسولاً نبياً وليس مجتهداً متأولاً أو عاملاً بالرأي كما يقولون ، إذ ( مَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) (١) فدعوى استحسان النبي نداء بلال وإقراره لذلك لا يتطابق مع أخذه الأحكام عنه جل جلاله ، أو نومه عن الصلاة وما شابه ذلك .
والباحث المنصف لو أراد أن يقف على جذور الأُمور وخلفيّاتها وخلفياتها عليه الوقوف أوّلاً على تاريخ الحيعلة الثالثة = (حي على خير العمل) و (الصلاة خير من النوم) معاً وموقف بلال منهما ، لأنّهما مترابطان ارتباطاً جذرياً وحقيقياً حسبما ستثبته لك هذه الدراسة .
فلو كان تأذين أحدهم بـ (الصلاة خير من النوم) فلا معنى لتأذينه بـ (حي على خير العمل) .
وكذا لو ثبت أذانهم بـ (حي على خير العمل) فلا تراهم يؤذنون بـ (الصلاة خير من النوم) .
______________________
(١) النجم : ٣ ـ ٤ .