اسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ (٧٤) قالَ يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ (٧٥) قالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (٧٦) قالَ فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ (٧٧) وَإِنَّ عَلَيْكَ لَعْنَتِي إِلى يَوْمِ الدِّينِ (٧٨) قالَ رَبِّ فَأَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (٧٩) قالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (٨٠) إِلى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ (٨١) قالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٢) إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ (٨٣) قالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (٨٤) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكَ وَمِمَّنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (٨٥))
قلت : (إذ قال) : متعلق بيختصمون ، أو : بدل من (إذ) قبله ، أو : باذكر. و «الحق» : فمن نصبه ، فعلى حذف فعل القسم ، كقولك : الله لأفعلن ، أي : أقسم بالحق ، فحذفت الباء ووصل الفعل به ، ومن رفعه ؛ فمبتدأ ، أي : الحقّ منى ، أو : خبر ، أي : أنا الحق. والحق الثاني : مفعول «أقول» ، والجملة : معترضة بين القسم وجوابه ، وهو : (لأملأن).
يقول الحق جل جلاله فى تفسير الاختصام المذكور : (إِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ) حين أراد خلق آدم ، (إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) ، وقال : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) (١). والتعرض لعنوان الرّبوبية ، مع الإضافة إلى ضميره ـ عليه الصلاة والسّلام ـ لتشريفه صلىاللهعليهوسلم ، والإيذان بأنّ وحي هذا النّبأ إليه تربية وتأييد له. والكاف وارد باعتبار حال الآمر ، لكونه أدلّ على كونه وحيا منزلا من عنده تعالى ، كما فى قوله تعالى : (... يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا ...) (٢) إلخ ، دون حال المأمور ، وإلا لقال : ربى ؛ لأنه داخل فى حيز الأمور. (فَإِذا سَوَّيْتُهُ) أي : صوّرته بالصورة الإنسانية ، والخلقة البشرية ، أو : سويت أجزاء بدنه ، بتعديل أعضائه ، (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) الذي خلقته قبل ، وأضافه إليه تخصيصا ، كبيت الله ، وناقة الله. والرّوح سر من أسرار الله ، لطيفة ربانية ، سارية فى كثيفة ظلمانية ، فإذا سرت فيه حيى بإذن الله ، أي : فإذا أحييته (فَقَعُوا) أي : اسقطوا (لَهُ) ، وهو أمر ، من وقع ، (ساجِدِينَ) قيل : كان انحناء يدلّ على التواضع ، وقيل : كان سجودا لله ، أو سجود تحية لآدم وتكريما له.
__________________
(١) من الآية ٣٠ من سورة البقرة.
(٢) من الآية ٥٤ من سورة الزمر.