سورة الطّور
مكية. وهى سبع وأربعون آية. ومناسبتها لما قبلها قوله : (فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ يَوْمِهِمُ الَّذِي يُوعَدُونَ) (١) وهو يوم القيامة ، وهو الذي أقسم عليه بقوله :
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
(وَالطُّورِ (١) وَكِتابٍ مَسْطُورٍ (٢) فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ (٣) وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ (٤) وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ (٥) وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ (٦) إِنَّ عَذابَ رَبِّكَ لَواقِعٌ (٧) ما لَهُ مِنْ دافِعٍ (٨))
يقول الحق جل جلاله : (وَالطُّورِ) ، هو الجبل الذي كلّم الله عليه موسى بمدين ، (وَكِتابٍ مَسْطُورٍ) وهو القرآن العظيم ، ونكّر لأنه كتاب مخصوص من بين سائر الكتب ، أو : اللوح المحفوظ ، أو : التوراة ، كتبه الله لموسى ، وهو يسمع صرير القلم ، (فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ) ، الرق : الجلد الذي يكتب فيه ، والمراد : الصحيفة ، وتنكيره للتفخيم والإشعار بأنها ليست مما يتعارفه النّاس ، والمنشور : المفتوح لا ختم عليه ، أو : الظاهر للناس ، (وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ) وهو بيت فى السماء السابعة ، حيال الكعبة ، ويقال له : الضراح (٢) ، وعمرانه بكثرة زواره من الملائكة ، روى : أنه يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك ، يطوفون به ، ويخرجون ، ومن دخله لا يعود إليه أبدا (٣) ، وخازنه ملك يقال له : «رزين». وقيل : الكعبة ، وعمارته بالحجاج والعمّار والمجاورين.
(وَالسَّقْفِ الْمَرْفُوعِ) أي : السماء ، أو : العرش ، (وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ) أي : المملوء ، وهو البحر المحيط ، أو الموقد ، من قوله تعالى : (وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ) (٤) ، والمراد الجنس ، روى «أن الله تعالى يجعل البحار يوم القيامة
__________________
(١) الآية الأخيرة من سورة الذاريات.
(٢) روى ذلك عن ابن عباس ، مرفوعا ، فيما ذكره السيوطي فى الدر (٦ / ١٤٤) وعزاه للطبرانى وابن مردويه ، بسند ضعيف.
وأخرجه ابن جرير ، عن سيدنا علىّ رضي الله عنه.
(٣) أخرجه مسلم فى (الإيمان) باب الإسراء برسول الله صلىاللهعليهوسلم ح رقم ٥٩ ، ح ١٦٢) عن أنس بن مالك رضي الله عنه فى حديث الإسراء ، وفيه : «فإذا أنا بإبراهيم عليهالسلام مسندا ظهره إلى البيت المعمور ، وإذا هو يدخله كلّ يوم سبعون ألف ملك ، لا يعودون إليه ...» الحديث.
(٤) الآية ٦ من سورة التكوير.