الّذي هو مفاد «ليس التّامّة» بأن يقال : في مثل «المرأة تحيض إلى خمسين بعد استثناء القرشيّة» (١) إنّ انتساب هذه المرأة إلى «قريش» لم يكن في الأزل ، (قبل وجودها وتكوّنها) فالآن كما كان ، أو بنحو العدم النّعتي (٢) الّذي هو مفاد «ليس النّاقصة» بأن يقال في المثال : إنّ هذه المرأة لم تكن قرشية في الأزل ، فالآن كما كان.
الثّاني : هو القول بعدم جريانه مطلقا. (٣)
أمّا القول الأوّل : فقد اورد عليه ، بأنّ الاستصحاب ـ على ما بيّن في محلّه ـ لا بدّ فيه من اتّحاد القضيّتين (المتيقّنة والمشكوكة) موضوعا ومحمولا ، حيث إنّ مفاد أدلّته هو وجوب المضيّ على اليقين السّابق وعدم جواز نقضه بالشّكّ اللّاحق ، وهذا لا يصدق إلّا مع الاتّحاد المذكور ، والمفروض ، أنّه لا اتّحاد هنا ؛ إذ القضيّة المتيقّنة هي السّالبة بانتفاء الموضوع ، والقضيّة المشكوكة هي السالبة بانتفاء المحمول ، كما لا يخفى.
واجيب عنه : بأنّ الأمر كذلك ، لكنّ اللّازم هو الاتّحاد بين القضيّتين في المفاد عرفا ، وهو هنا حاصل قطعا ، فالقضيّتان سالبتان تفيدان سلب المحمول عن الموضوع وهو سلب القرشيّة عن المرأة في المثال المتقدّم ، غاية الأمر : أحدهما : سلب بانتفاء الموضوع ؛ ثانيهما : سلب بانتفاء المحمول ، وهذا المقدار غير قادح في صحّة الاستصحاب حسب الأنظار العرفيّة.
__________________
(١) راجع ، وسائل الشّيعة : ج ٢ ، كتاب الطّهارة ، الباب ٣١ من أبواب الحيض ، ص ٥٨٠ و ٥٨١.
(٢) ويقابله «الوجود النّعتي» الّذي هو مفاد «كان النّاقصة» وقد يعبّر عنه «بمفاد الهليّة المركّبة».
(٣) راجع ، فوائد الاصول : ج ١ ، ص ٥٣٣.