انصراف المسح إلى المسح باليد يكون من الانصرافات اللّفظيّة غير البدويّة ؛ وأمّا انصرافه إلى المسح بخصوص باطن اليد ، فهو بدويّ نشأ من تعارف المسح بالباطن للسّهولة ، ولكونه مقتضى الطّبيعة والجبلّة في مسحات الإنسان ، لا لعلاقة لفظيّة ؛ ولذا أفتى بعض الفقهاء بجواز المسح بظهر اليد تمسّكا بإطلاق الآية المباركة. (١)
(الموضع الرّابع : حمل المطلق على المقيّد)
إذا ورد مطلق ومقيّد متنافيان ، فلا إشكال في تقييد المطلق بالمقيّد لو كانا متخالفين في الإثبات والنّفي ، نظير قولنا : «أعتق رقبة ولا تعتق رقبة كافرة» فيقيّد المطلق ويراد به خصوص الرّقبة المؤمنة ، إنّما الإشكال فيما إذا كانا متوافقين ، نظير قولنا : «أعتق رقبة ، وأعتق رقبة مؤمنة» فذهب المشهور (٢) إلى التّقييد هنا ، أيضا.
والتّحقيق في المسألة : يحتاج إلى بيان صورها وأحكامها ، ولكن قبل الشّروع فيه ، لا بدّ من الإشارة إلى أمرين : أحدهما : أنّ محلّ النّزاع في المسألة ما إذا كان المقيّد منفصلا حتّى يتصوّر التّعارض ويعالج بنحو ؛ وأمّا إذا كان متّصلا ، فلا نزاع فيه ، حيث إنّه يمنع عن انعقاد أصل الإطلاق ، فلا معنى للتّعارض الّذي هو فرع ثبوت الإطلاق ؛ ولذا لا وجه لقياس المقيّد المنفصل بالمتّصل ، كما لا يقاس المخصّص المنفصل بالمتّصل ، على عرفته في مبحث العامّ.
ثانيهما : أنّ تقديم المقيّد على المطلق وحمله عليه ، ليس من باب الحكومة الّتي
__________________
(١) سورة المائدة (٥) : الآية ٦.
(٢) راجع ، كفاية الاصول : ج ١ ، ص ٣٨٩.