ويندفع هذا التوهّم : بأنّ عدم التمكّن من العمل بكلا الفردين إن كان لعدم القدرة على ذلك مع قيام المقتضي للعمل فيهما ، فالخارج هو غير المقدور ، وهو العمل بكلّ منهما مجامعا مع العمل بالآخر ، وأمّا فعل أحدهما المنفرد عن الآخر فهو مقدور فلا يجوز تركه.
وفي ما نحن فيه ليس كذلك ، إذ بعد العلم الاجمالي لا يكون المقتضي
______________________________________________________
فردان منها وتعذر العمل بكليهما ، فانّه يجب أن يعمل بأحدهما ، ومعه كيف تقولون : بأنه يجب طرحهما معا لا العمل بأحدهما؟.
(ويندفع هذا التوهّم : بأنّ عدم التمكّن من العمل بكلا الفردين إن كان لعدم القدرة) للمكلّف (على ذلك) أي : على العمل بكلا الفردين ، وذلك (مع قيام المقتضي للعمل فيهما) كالغريقين ، حيث ان المقتضي لإنقاذ كل منهما موجود ، وإنّما المكلّف لا يتمكّن من إنقاذهما معا (فالخارج) من عموم الدليل (هو غير المقدور ، وهو) أي : غير المقدور (العمل بكلّ منهما مجامعا مع العمل بالآخر) فان المكلّف لا يتمكن من انقاذ زيد الغريق مجامعا مع انقاذ عمرو الغريق (وأمّا فعل أحدهما المنفرد عن الآخر فهو مقدور) للمكلف ، إذ المفروض انّه يتمكّن من انقاذ أحد الغريقين (فلا يجوز تركه) أي : ترك المقدور مخيّرا بينهما.
هذا (و) لكن (في ما نحن فيه) من تعارض الاستصحابين (ليس) الأمر (كذلك) أي : ليس المانع فيهما هو : عدم قدرة المكلّف على العمل بهما مع وجود المقتضي والملاك للعمل في كليهما ، لا وإنّما لا وجود للمقتضي فيهما رأسا.
وإنّما لم يكن الأمر فيما نحن فيه ـ من تعارض الاستصحابين ـ كذلك (إذ بعد العلم الاجمالي) بارتفاع أحد الاستصحابين (لا يكون المقتضي) والملاك