أمّا لو ثبت حجّية خبره ، فقد يعلم أنّ العبرة باعتقاده بالمخبر به ، كما في المفتي ، وغيره ممّن يعتبر نظره في المطلب ، فيكون خبره كاشفا عن الحجة لا نفسها ، وقد يعلم من الدليل حجيّة خصوص إخباره بالواقع ، حتى لا يقبل منه قوله : «اعتقد بكذا» ،
______________________________________________________
لا دليل عليه إضافة إلى انه يستلزم التنافي في الواقع لوضوح كثرة التخالف في الاعتقادات ، بينما ليس كذلك في عكسه ، فلو قلنا بحجيّة خبر المسلم ومطابقته للواقع ـ فرضا ـ لم يكن تلازم بينه وبين حجيّة اعتقاده.
ثم إنّ المصنّف قال : (أمّا لو ثبت حجّية خبره) أي : حجيّة خبر المسلم ، فمناط حجيّته يمكن أن يكون أحد امور ثلاثة :
الأوّل : ما أشار إليه بقوله : (فقد يعلم أنّ العبرة باعتقاده) أي : بسبب اعتقاد المخبر (بالمخبر به ، كما في المفتي ، وغيره) أي : غير المفتي (ممن يعتبر نظره في المطلب) كأهل الخبرة والمقوّمين ، فان اعتقادهم المستند إلى حدسهم حجة ، ويكون خبرهم كاشفا عن اعتقادهم الحجة ، فالحجة هي نفس اعتقاد المفتي أو الخبير والمقوّم بمطلب ، بأي طريق بكشف ، سواء انكشف بالإخبار أم بالكتابة أم بالاشارة أم بالظهور من قسمات الوجه ، كما ورد ان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يظهر على قسمات وجهه الكراهة من المحرّمات ، وإذا كان اعتقاده هو الحجة (فيكون خبره كاشفا عن الحجة لا نفسها) فإذا قال المفتي ـ مثلا ـ : الماء القليل يتنجّس بملاقاة النجاسة كشف ذلك عن اعتقاده به واعتقاده حجة ، فخبره إذن بما هو خبر ليس بحجة ، وإنّما حجيّته من جهة كشفه عن اعتقاده.
الثاني : ما أشار إليه بقوله : (وقد يعلم من الدليل حجيّة خصوص إخباره بالواقع ، حتى لا يقبل منه قوله : «اعتقد بكذا») كما في باب الروايات المروية