رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ أُولئِكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٢٢) [الزمر].
[الآيات ٥ ـ ٧] : أمّا من أظهر الاستغناء عنك وعن دينك ، وعمّا عندك من الخير والإيمان ، فأنت تتصدّى له ، وتحفل بأمره ، وأنت مبلّغ عن الله ، عليك البلاغ ، وليس عليك هداهم ، ولا يضيرك إعراضهم.
[الآيات ٨ ـ ١٠] : وأمّا عبد الله بن أمّ مكتوم ، الذي جاءك طائعا مختارا ساعيا يخشى ويتوفّى ، فأنت تتشاغل عنه بهؤلاء الأشراف من قريش ؛ ثم تتصاعد نبرة العتاب لتبلغ حدّ الردع والزجر.
[الآيات ١١ ـ ١٦] : (كلا) ، لا يكن ذلك أبدا.
إنّ هداية القرآن غالية عالية ، فمن شاء اهتدى بها وتذكّر أحكامها ، واتّعظ بها وعمل بموجبها. وهذا الوحي كريم على الله ، كريم في كل اعتبار ، منزّه عن النقص والضلالة ، قد دوّن في صحف مكرّمة ذات شرف ورفعة ، مطهّرة من النقائص والضلالات ، تنزّل بواسطة الملائكة على الأنبياء ، وهم يبلّغونها للناس. والملك سفير لتبليغ وحي السماء ، والرسول سفير لتبليغ الدعوة إلى الناس ، وهم كرام أبرار أطهار لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون.
وقد بلّغ النبي الكريم وحي السماء ، وغيّر كثيرا من المفاهيم السائدة ، وجعل أسامة بن زيد أميرا على جيش به أجلّاء الصحابة ، ووضع في نفوس أصحابه تقدير الناس بأعمالهم فقط لا بأحسابهم وأنسابهم ؛ يقول عمر بن الخطاب (رض) : «لو كان سالم مولى أبي حذيفة حيا لاستخلفته». ويقول عمر أيضا : «أبو بكر سيّدنا وأعتق سيّدنا» أي أنّ أبا بكر (رض) أعتق بلالا (رض) مؤذّن الرسول الأمين (ص).
[الآيات ١٧ ـ ٢٣] : (قُتِلَ الْإِنْسانُ ما أَكْفَرَهُ) (١٧) دعاء على الكافر ، فإنه ليستحقّ القتل على شدة كفره وجحوده ، ونكرانه لنعم الله عليه ، لما ذا يتكبّر وهو مخلوق من أصل متواضع زهيد ، يستمدّ كلّ قيمة من فضل الله ونعمته ، ومن تقديره وتدبيره. لقد خلقه الله من نطفة ، فمرّت النطفة بأطوار كثيرة ، في بطن الأم ، ومرّ هو