المبحث الأول
أهداف سورة «البلد» (١)
سورة «البلد» آياتها عشرون ، نزلت بعد سورة «ق».
وقد اشتملت على تعظيم البلد الحرام ، والرسول الأمين ، وتكريم آدم وذريته ، وبيان أن الإنسان خلق في معاناة ومشقة ، في حمله وولادته ورسالته في الحياة ، وحسابه في الآخرة.
وجابهت السورة أحد المشركين ، وكشفت سوء أفعاله ، ورسمت الطريق الأمثل للوصول إلى رضوان الله.
مع آيات السورة
[الآية ١] : (لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ) (١) : أقسم الله عزوجل بمكّة ، وفيها البيت الحرام والكعبة ، وعندها قبلة المسلمين ، وفيها زمزم والمقام ، والأمن والأمان ، قال تعالى : (جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ) [المائدة / ٩٧]. معنى قياما : قواما ، أي يقوم عندها أمر الدين ، حيث يقدم الحجيج فيطوفون ويسعون ، ويؤدّون المناسك ، ويشاهدون مهبط الوحي ، ويصير الرجل آمنا بدخوله الحرم : (وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً) [آل عمران / ٩٧].
وقد ذكر القرآن تكريم مكّة في آيات كثيرة ، فقد ولد بها النبي (ص) ، وبدأ بها نزول الوحي ، ومنها انبثق فجر الإسلام ، وإليها يحجّ الناس ، قال تعالى : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيًّا
__________________
(١). انتقي هذا الفصل من كتاب «أهداف كلّ سورة ومقاصدها» ، لعبد الله محمود شحاته ، الهيئة العامة للكتاب ، القاهرة ، ١٩٧٩ ـ ١٩٨٤.