المبحث السابع
لكل سؤال جواب في سورة «المرسلات» (١)
إن قيل : قوله تعالى : (هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) (٣٥) ينفي وجود الاعتذار منهم لأن الاعتذار إنما يكون بالنطق ، فما فائدة نفي الاعتذار بعد نفي النطق؟
قلنا : معناه أنهم لا ينطقون ، بعذر مقبول وحجة صحيحة ، لا ابتداء ولا بعد أن يؤذن لهم في الاعتذار ، فإنّ الأسير والجاني الخائف ، عادة ، قد لا ينطق لسانه بعذره وحجته ، ابتداء ، لفرط خوفه ودهشته ، ولكن إذا أذن له في إظهار عذره وحجته ، انبسط وانطلق لسانه ، فكانت الفائدة في الجملة. الثاني : نفي هذا المعنى : أي لا ينطقون بعذر ، ابتداء ولا بعد الإذن.
فإن قيل : قوله تعالى : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ الظَّالِمِينَ مَعْذِرَتُهُمْ) [غافر / ٥٢] يدلّ على وجود الاعتذار منهم ، فكيف التوفيق بينه وبين ما نحن فيه؟
قلنا : قيل : المراد ، بتلك ، الظالمون من المسلمين ، وبما نحن فيه يراد الكافرون ؛ وآخر تلك الآية يضعف هذا الجواب : أي قوله تعالى : (وَلَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ) (٥٢) [غافر].
__________________
(١). انتقي هذا المبحث من كتاب «أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها» ، لمحمد بن أبي بكر الرازي ، مكتبة البابي الحلبي ، القاهرة ، غير مؤرّخ.