ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ) (١٤) إلى ربه ، ولن يرجع إلى بارئه ولو ظن الرجعة في نهاية المطاف ، لقدّم بعض العمل ، وادّخر شيئا للحساب.
(بَلى إِنَّ رَبَّهُ كانَ بِهِ بَصِيراً) (١٥) : أي بلى ليحورنّ وليرجعن إلى ربّه ، وليحاسبنّه على عمله ، فهو سبحانه كان مطّلعا على أمره ، محيطا بحقيقته ، عالما بحركاته وخطواته.
وتصوّر الآيات هذا التعيس ، وهو مسرور بين أهله في حياة الدنيا القصيرة ؛ ولكنّه في الآخرة حزين يتمنّى الموت والهلاك ، تقابلها صورة ذلك السعيد المؤمن ، وهو ينقلب إلى أهله مسرورا ، في حياة الآخرة المديدة ، لقاء ما قدّم من سعي حميد ، وعمل صالح.
وتعود الآيات إلى لمحات من الكون ، تجمع بين الخشوع الساكن ، والجلال المرهوب :
[الآيات ١٦ ـ ١٩] : (فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) (١٦) والشفق هو الوقت الخاشع المرهوب بعد الغروب ، وبعد الغروب تأخذ النفس روعة ساكنة عميقة ، ويحسّ القلب معنى الوداع ، وما فيه من أسى صامت ، وشجّى عميق ، كما يحس رهبة الليل القادم ، ووحشة الظلام الزاحف ، ويلفّه في النهاية خشوع ، وخوف خفيّ ، وسكون.
(وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) (١٧) : هو الليل وما جمع وما حمل من الظلام والنجوم ، أو ما عمل فيه من التهجّد ، أو ما جمع من مخلوقات كانت منتشرة بالنهار ، فإذا جنّها الليل أوت إلى مأواها.
(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) (١٨) : أي اكتمل واستدار وصار بدرا ، وهو مشهد رائع للقمر في ليالي اكتماله ، يفيض على الأرض بنوره الحالم الخاشع ، الموحي بالصمت الجليل.
يقسم القرآن الكريم بهذه الأشياء ؛ التي إذا تدبّر الإنسان أمرها ، استدلّ بجلالها وعظمة شأنها على قدرة مبدعها.
(لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ) (١٩) : أي لتلاقن أيها الناس أمورا بعد أمور ، وأحوالا بعد أحوال من الموت والبعث والحشر ، إلى أن تصيروا إلى ربّكم وهناك تلقون جزاء أعمالكم.
[الآيات ٢٠ ـ ٢٥] : فلما ذا لا