بنحو يظهر المطلب وهو أنّ الإرادة على نحوين إرادة الاستعمالية وارادة الجدية فيكون في الكناية الإرادة الاستعمالية موجودة لا الإرادة الجدية فعلى هذا يكون اللفظ مستعملا في معناه الحقيقي إلّا أنه ليس مراده الجدي بل يكون مراده الجدي إراءة لازمه وهو الجود مثلا.
فعلى هذا نقول في الانشائيات أيضا كما قلنا في الأخبار ، فكما يكون في الأخبار تارة في استعمال اللفظ في معنى مقصوده الجدي إراءة هذا المعنى وتارة إراءة معنى آخر يلازم هذا المعنى كذلك نقول في الانشائيات بأنّه فيما لو قال المولى اضرب كما يمكن أن يكون مقصوده طلب الضرب منه حقيقة يمكن أن يكون مراده من هذا الأمر إفادة مطلب آخر وهو الامتحان مثلا.
ولا يخفى أنّ اللفظ في الثاني أيضا مستعمل في معناه الحقيقي إلّا ان مراده الجدي هو الامتحان مثلا. إذا ظهر لك ما قلنا يمكن أن نقول بأنّ مراد المحقّق الخراساني يكون هذا بالبيان الذي قلنا الذي عبّر عنه بالانشائي.
هذا غاية ما يمكن أن يقال في توجيه كلامه ، إلّا أنه لا يخفى أنّ مع هذه المشتقات لا يمكن الالتزام بما قاله ، لأنّ بعد ما كان الوجود إمّا الوجود الذهني أو الوجود المفهومي أو الوجود الخارجي ولم يكن معنى للأمر لا الطلب المفهومي ولا الطلب الخارجي والمفروض أن الوجود لم يكن خارجا من الذهن والخارج فالطلب الانشائي في قبال الذهن والخارج والمفهوم حتى يكون هو معنى الأمر ، ولا يمكن أن نقول بقول غير معقول ولو قلنا في توجيهه ما تظهر لك. فعلى هذا لم يكن كلام المحقق المذكور في محلّه.
ثم إنّه بعد ما ظهر لك عدم تصوير الطلب الانشائي لا يخفى عليك أنّ على ما هو التحقيق يكون مدلول الأمر هو البعث ، لأنّ المتبادر من الطلب هو البعث ضرورة أنّه كما أنّ المولى في الخارج تارة يأخذ يد العبد ويجلسه كذلك تارة يأمره بالجلوس