المنبر ، فتشهّد وذكر شأن علي وعذّره بالذي اعتذر إليه في تخلّفه عن البيعة (١) ، وحضر على ـ عليهالسلام ـ فتشهّد ، وقال لم يحملنى على ما صنعت نفاسة على أبى بكر ولا انكار لفضله فضّله الله به (٢) ، ولكنّا كنّا نرى أنّ لنا في هذا الأمر نصيبا ، فاستبد علينا ، واستأثر بحقّنا (٣) فوجدنا (٤) في أنفسنا. فسّر بذلك المسلمون ، وقالوا : أصبت ، وكان المسلمون إلى على قريبا حين راجع الأمر المعروف.» هذا ما رواه البخارىّ ، ولم يذكر وقوع البيعة من علي ـ عليهالسلام ـ لابي بكر أصلا (٥).
وفيما ذكره كفاية للمتدبّرين واستبصارا للمتبصّرين ، من أنّه لم يخرج إلّا طفيفا (٦) من غزير (٧) ، ويسيرا من كثير ، وما خرّجه لم يهمل فيه مسادلة (٨) الأستار ومكاتمة الأسرار (٩).
وروى مسلم فى صحيحه فيما أخرجه من حديث مالك بن اوس في قصّة علي ـ عليهالسلام ـ والعبّاس ، والحديث مشهور أنّ عمر بن الخطاب قال لهما : «إنّكما جئتما أبا بكر فرأيتماه كاذبا آثما عاذرا خائنا» (١٠).
وفي صحاحهم الستّة ومصابيحهم ومشكاتهم واصولهم المعروفة عن النبي ـ صلىاللهعليهوآلهوسلم ـ أنّه قال : «ستكون بعدى اثرة.» (١١) [ب ـ ٢١]. وأنّه ـ صلّى الله
__________________
(١) في المصدر : وتخلّفه ... وعذّره ...
(٢) فى المصدر بعبارات آخر.
(٣) «واستأثر بحقنا» ليست في المصدر.
(٤) فوجدنا : من الموجدة ، بمعنى الغضب. (منه).
(٥) راجع : «الصحيح» للبخاري ، غزوة خيبر ، ج ٥ / ٢٥٢ ح ٧٠٤ وكتاب فرض الخمس ، ج ٢ / ٥٠٦ ، ٥٠٣.
(٦) طفيف : قليل ، حقير.
(٧) الغزير : الكثير من كلّ شيء.
(٨) مسادلة : أسدل الستر أى أرسل أستار ظلمته.
(٩) ولتفصيل هذه المسائل فليراجع : «السبعة من السلف» ، ص ١٩ ، بمصادر متعددة وحكايات متلوّنة.
(١٠) «الصحيح» لمسلم ، تصحيح محمد فؤاد عبد الباقى ، ج ٣ / ١٣٧٩ ، ح ١٧٥٧ وفيه : «غادرا» وبعده : والله يعلم انه لصادق بارّ راشد تابع للحق ...
(١١) راجع : «الصحيح» للبخارى ، كتاب الاحكام ، باب ما يكره من الحرص على الامارة ، ج ٩ / ٧٠٤ ، «السنن» للنسائي ، ج ٨ / ٢٢٥ آداب القضاء وج ٧ / ١٦٢ كتاب البيعة ، «المسند» لأحمد ، ج ٢ / ٤٤٨ و «السنن» لابن مالك جزء ٧ ، ص ١٦٢.