ورئيسهم أبو على بن سينا في رسالة «المعراج» (١) : «أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ـ عليهالسلام ـ مركز الحكمة ، وفلك الحقيقة وخزانة العقل ، ولقد كان بين الصحابة كالمعقول بين المحسوس». وقال : «الإنسان المتألّه إذا استكمل الحكمة النظريّة بالقوة القدسيّة وفاز بالخواص النبويّة كاد يصير ربّا انسانيّا ، يكاد أن يحلّ عبادته بعد الله ، وهو سلطان العالم الارضيّ وخليفة الله فيه» (٢).
ومما أورده الصدوق ، عروة الإسلام في كتاب «عيون أخبار الرضا» أن عبد الله بن مطرّف (٣) بن هامان ، شيخ شيخهم البخاري دخل على المأمون يوما ـ وعنده على بن موسى الرضا ـ فقال له المأمون : ما تقول فى أهل البيت؟ فقال عبد الله : ما أقول [ب ـ ١٧] في طينة عجنت بماء الرسالة وغرست بماه (٤) الوحى ، هل ينفخ منها إلّا مسك الهدى وعنبر التقى ، فدعا المأمون بحقّه فيها لؤلؤ فحشا (٥) فاه (٦).
قلت : وهذا اخت الحكاية المعروفة للخليل بن أحمد الأديب النحويّ العروضيّ ، إذ قيل له ما تقول في علي بن أبي طالب؟ فقال : ما أقول في حقّ امرء كتمت (٧) مناقبه أولياؤه خرفا وأعداؤه حسدا. ثمّ ظهر من بين الكتمين ما ملأ الخافقين (٨) لصوص (٩) ولايتهم وغصبة منصبهم ، صرفوا مقدرتهم وبذلوا ذكرهم (يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللهِ بِأَفْواهِهِمْ ، وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) (١٠) ألا! فمن تمسّك في دينه بمن عداهم ، ونبذهم (١١) وراء ظهره ،
__________________
(١) راجع : «معراج نامه» ، ص ١٧ ، ط رشت وهامش «الشفاء» ، القسم الإلهي ، ص ٥٦٤ ، الطبع الحجرى.
(٢) راجع : الإلهيات من «الشفاء» ، المقالة العاشرة ، ص ٤٥٥ ط مصر ؛ مع اختلاف يسير.
(٣) الصواب : مطرّف بن عبد الله بن مطرّف ، فإنّه شيخ شيخهم البخاري ، وكان في عصر المأمون. (منه).
(٤) الماه : الماء.
(٥) حشا : ملأ.
(٦) المصدر ، ج ٢ / ١٤٤ فى باب ٤٠.
(٧) كذا.
(٨) الخافقان : المشرق والمغرب.
(٩) اللصوص : جمع اللصّ أى السارق.
(١٠) الصف ، ٨.
(١١) نبذ : طرح ، أهمل.