فكأنّه قد آن لك أن تتسبّل الى حريم معناه ، ولنا أن نسلك بك سبيل مغزاه.
فنقول : «عينان» حرفيّان ، وهما : «ع» الابداع و «ع» الاختراع ، هما «عينان» ينبوعان [ب ـ ٦٦] «لم يكتبهما قلم» أى عقل فعّال ، لأنّ الممكن الذات الجائز الوجود ليس في منتّه ابداع الذات وجعلها وإعطاء الوجود وافاضته ؛ بل انّ ذلك أمر قد استأثر به جناب القيّوم الواجب بالذات جلّ سلطانه ، اذ ليس ينبع التقرّر والوجود الّا من عين الحقّية وينبوع الوجوب.
«في كلّ عين من العينين عينان» خرّارتان (١) ، [١] : امّا في عين الابداع ، فعالم العقل وعالم النفس ، وهما اقليما عالم الأمر ، وكورتا عالم الملكوت الذي هو عالم حقيقة
__________________
والمواقيت» ، وهي :
عينان عينان لم يكتبهما قلم |
|
وفي كلّ عين من العينين عينان |
نونان نونان لم يكتبهما قلم |
|
وفي كلّ نون من النونين نونان |
فاسعفت مأموله وانجحت مسئوله. فأقول وبالله التوفيق وبيده أزمّة التحقيق : «عينان» حرفيّان عين الابداع وعين الاختراع «عينان» ينبوعان ، «لم يكتبهما قلم» أى عقل من العقول الفعّالة والجواهر القدسيّة القادسة ، لأنّه مع قدسيّته وفعليته وملكوتيّته في ساهرة الامكان الذاتي ، ويكنفه الليس والبطلان في جوهر ذاته وسنخ حقيقته فلا يكون فى منّته وقدرته اعطاء الوجود الإبداعى وافاضته ، ولا الوجود الاختراعي وافادته ؛ بل انّ ذلك أمر قد استأثر به القيوم الواجب بالذات ؛ لأنّه عين الحقيقة وينبوع الوجود.
«في كلّ عين من العينين عينان» أمّا في عين الابداع عينان ـ هما عالم العقل وعالم النفس ـ وهما عينان تحتويان على ينابيع أنوار مختلفة ، تنبع من كلّ منها الاشعة والاشراقات وجداول التدابير والرشحات.
وأمّا في عين الاختراع فعينان أخريان ، هما : عالم المواد وعالم الصور ، وهما اقليما بسائط عالم الشهود والملك اللذان ينبوعان تنبع من كلّ منهما ينابيع أنواع مختلفة ؛ منها ينبوع ذوات كثيرة وهويات عديدة ، وهو اقليم الطبيعة.
«نونان» حرفيّان ، وهما : نون التكوين ونون التدوين ، هما نونان حوتان سبّاحان في عين الافاضة وبحر الايجاد «لم يكتبهما» كتبة بصنع وايجاد «قلم» عقل مفارق. وفى بعض النسخ : «لم يكنفهما» اى لم ينلهما رقم الايجاد والصنع من المفارق الصرف فضلا عن غيره ، بل ناله من صنع الواجب الحقّ تعالى وصنع مجده ، وانّ ذلك الّا من الشروط.
«في كل نون من النونين نونان» أى نون التكوين ونون التدوين «نونان». [أمّا] في نون التكوين فنونان ؛ أحدهما : الامكان الذاتى ، وثانيهما : الامكان الاستعدادي. وأمّا في نون التدوين ، فنونان ؛ أحدهما ؛ أحكام معالم الدين ، والآخر : علوم حقائق الامكان ومعارف علوم حقائق الكون ومعارف الكيان. والسلام.
لا يخفى أنّ فى شرحه رحمهالله ، صدّر المصرع الثاني فى كلّ بيت بحرف «و».
(١) الخرار : الكثير الخرير ، والخرير : صوت الماء.