ومن باب ضرب
الأمثال يعتبرون النظام الجمليّ الّذي هو الانسان الكبير بمنزلة البدن والجسد
والعناية الاولى بمثابة النفس والروح ، ومن باب ايراد العقليّات في قالب الحسيّات
والقدسيّات في طىّ الهيولانيّات ، نظام الكلّ بمنزلة مادّة الجسم ؛ والعناية
الاولى بمثابة جوهر الطبيعة. [الف ـ ٦٣].
ويقولون كلّ ما
يقع في أقاليم الوجود وعوالم الموجودات ـ من القسريّات والطبيعيّات والتسخيريّات
والاراديّات بالنظر الى النظامات الجزئيّة من صغير وكبير ، وجزئيّ وكليّ ـ فهو
طبيعيّ للنظام الجملي الوجوديّ وطباعيّ الانسان الكبير الكليّ. والطبيعة الفعّالة
في النظام الجملي بالإرادة الحقّة والاختيار الحقيقي هي العناية ، والعناية هي كون
الأوّل تعالى عالما لذاته من ذاته بما عليه الوجود في نظام الخير ، وعلّة لذاته
للخير والكمال على حسب استحقاق طباع الإمكان وراضيا به على النحو المذكور ، فيعلم
نظام الخير على الوجه الأكمل الأبلغ في الامكان ، فيفيض عنه ما يعلم نظاما وخيرا
على الوجه الأبلغ الذي يعلمه فيضانا على أتمّ تأدية الى أقصى النظام بحسب الامكان
؛ فهذا معنى العناية عندهم.
ولقد تكرّر في
تضاعيف أبواب «الشفاء» وفنونه إطلاق الطبيعة الكليّة الممسكة لنظام العالم على
العناية ، وهذا النمط من التوسّع باب واسع موسوم في علم البلاغة بصنعة المشاكلة
وصنعة الازدواج». ومنه اطلاق الطبيعة الخامسة على الطباع الفلكي في «الشفاء» [ب ـ ٦٣]
و «الاشارات» ؛ واطلاق الحاسّة السادسة على القوّة العاقلة في «اثولوجيا»
.
وبالجملة لفظ
الطبيعة تطلق في الاصطلاحات الصناعية على عدة معان مختلفة :
الأوّل : الطبائع الجسمانيّة والصور النوعيّة الجوهرية المنطبعة ،
وهذا المعني هو المدلول عليه بحرفى «د» و «ح» بحسب اعتبارين مختلفين ، والطبيعة
والصورة النوعيّة في البسائط متّحدتان بالذات ، مختلفتان بالاعتبار ، وفي
المركّبات مختلفتان بالذّات.
__________________