وأيهما قالوا فيه إنه حامل محمول وجب كل ما ذكرنا فيه أيضا بعكسه.
وأيهما قالوا فيه لا حامل ولا محمول ، فلا يخلو من أن يكون باقيا أو يكون بقاء.
فإن كان باقيا فهو مفتقر إلى بقاء وهو مدته إذ لا باقي إلا ببقاء.
وإذا كان بقاء فلا بدّ له من باق به ، وهذا من باب الإضافة.
والمدة وهي البقاء إنما هي محمولة ، وباعثة للباقي بها ضرورة ، هذا الذي لا يقوم في العقل سواه ، ولا يقوم برهان إلّا عليه.
ويسألون أيضا عن هذا الزمان الذي يذكرون : هل زاد في مدة اتصاله مذ حدث الفلك إلى يومنا هذا ، أو لم يزد في أمده؟
فإن قالوا : لم يزد ذلك في أمده ، كانت مكابرة لأنها مدة متصلة بها مضافة إليها وعدد زائد على عدد.
فإن قالوا : زاد ذلك في أمده سئلوا : متى كانت تلك المدة أطول؟ أقبل الزيادة أم هي وهذه الزيادة معا؟
فإن قالوا : هي والزيادة معها ، فقد أثبتوا النهاية ضرورة ، إذ ما لا نهاية له فلا يقع فيه زيادة ولا نقص ، ولا يكون شيء مساويا له ، ولا أكثر منه ، ولا أنقص منه. ولا يكون هو أيضا منفصلا أصلا ، فلا يكون مساويا لنفسه كما هو ، ولا أكثر من نفسه ولا أقل منه.
فإن قالوا : ليست هي والزيادة معها أطول منها قبل الزيادة ، فقد أثبتوا أن الشيء وغيره معه ليس أكثر منه وحده ، وهذا باطل.
وهم يقولون : إن الخلاء والزمان المطلق شيئان متغايران ، فيقال لهم : فإذا هما كذلك فبأي شيء انفصل بعضهما من بعض؟
فإن قالوا : انفصلا بشيء ما وذكروا في ذلك أيّ شيء ذكروه ، فقد أثبتوا لهما التركيب من جنسهما وفصلهما.
وأيضا فجعلهم لهما شيئين إيقاع منهم للعدد عليهما ، وكل عدد فهو متناه محصور ، وكل محصور فقد سلكته (١) الطبيعة ، وكل ما سلكته الطبيعة فهو متناه ضرورة.
__________________
(١) سلكته الطبيعة : أي احتوته.