عليهالسلام عند أولئك الأحبار ـ لعنهم الله ـ من أن يكونوا على حق أو على باطل ، لا بدّ من أحدهما. فإن كانوا عندهم على حق فكيف استحلّوا ضلال قوم محقين وإخراجهم عن الهدى والدين إلى الضلال المبين؟ هذا والله لا يفعله مؤمن بالله تعالى أصلا. وإن كانوا عندهم على ضلال وكفر فحسبهم ذلك منهم. وإنما يسعى المؤمن ليهدي الكافر والضال ، وأما أن يقوي بصيرته في الكفر ويفتح له فيه أبوابا أشد وأفحش مما هو عليه فهذا لا يفعله أيضا من يؤمن بالله تعالى قطعا ، ولا يفعله إلا ملحد يريد أن يسخر بمن سواه ، فعن هؤلاء أخذوا دينهم وكتب أنبيائهم بإقرارهم ، فاعجبوا لهذا ، وهذا أمر لا نبعده عنهم لأنهم قد راموا ذلك فينا وفي ديننا ، فبعد عليهم بلوغ أربهم من ذلك ، وذلك بإسلام «عبد الله بن سبأ» المعروف بابن السوداء اليهودي الحميري لعنه الله ليضل من أمكنه من المسلمين. فنهج لطائفة رذلة كانوا يتشيّعون في عليّ رضي الله عنه أن يقولوا بالإلهية في عليّ ، كما نهج «بولس» لأتباع المسيح عليهالسلام أن يقولوا بإلهيته ، وهم الباطنية ، والغالية إلى اليوم ، وأخفهم كفرا الإمامية ـ على جميعهم لعائن الله تترى ـ.
وأشنع من هذا كله نقلهم الذي لا تمانع بينهم فيه عن كثير من أحبارهم المتقدمين الذين عنه وعن أصحابه أخذوا دينهم ، ونقلوا توراتهم ، وكتب الأنبياء ـ بأن رجلا اسمه «إسماعيل» كان إثر خراب البيت إذ خربه طيطش فيذكرون عنه أنه أخبرهم عن نفسه أنه كان ماشيا في خراريب ببيت المقدس فسمع الله تعالى يئن كما تئن الحمامة ، ويبكي وهو يقول : «الويل لمن أخرب بيته ، وضعضع ركنه ، وهدم قصره ، وموضع سكينته ، ويلي على ما أخربت من بيتي ويلي على ما فرقت من بنيّ وبناتي ، قامتي منكسة ، حتى أبني بيتي وأردّ إليه بنيّ وبناتي».
قال هذا النذل الموسخ ابن الأنذال إسماعيل : فأخذ الله تعالى بثيابي ، وقال لي : أسمعتني يا بني يا إسماعيل؟ قلت : لا يا رب. فقال لي : يا بني يا إسماعيل ، بارك علي. قال هذا الكلب والجيفة المنتنة : فبارك عليه ومضيت.
قال «أبو محمد» (رضي الله عنه) : «لقد هان من بالت عليه الثعالب» (١) والله ما
__________________
(١) ويروى : «لقد ذلّ» بدل «لقد هان». وهو عجز بيت ، وصدره : «أربّ يبول الثعلبان برأسه».
ونسب للعباس بن مرداس السلمي ، وهو في ملحق ديوانه (ص ١٥١). ونسب للعباس أو لغاوي بن ظالم السلمي أو لأبي ذرّ الغفاري في لسان العرب (١ / ٢٣٧ ـ ثعلب) ، ولراشد بن عبد ربّه في الدرر (٤ / ١٠٤) وشرح شواهد المغني (ص ٣١٧).