وفي بعض كتبهم المعظمة عندهم أن «زارح» ملك السودان غزا بيت المقدس في ألف ألف مقاتل ، وأن «أسا بن» ابن الملك خرج إليه في ثلاثمائة ألف مقاتل من «بني يهوذا» وخمسين ألف مقاتل من «بني بنيامين» فهزم ملك السودان. وهذا كذب فاحش ممتنع ، لأن من أقرب موضع من بلد السودان ، وهو النوبة إلى «مسقط» النيل في البحر نحو مسيرة ثلاثين يوما ، ومن مسقط النيل إلى بيت المقدس نحو عشرة أيام صحارى ومفاوز ، وألف ألف مقاتل لا تحملهم إلا البلاد المعمورة الواسعة ، وأما الصحارى الجرد فلا ، ثم في مصر جميع أعمال مصر فكيف يخطوها إلى بيت المقدس هذا ممتنع في رتبة الجيوش وسيرة الممالك ، ومن البعيد أن يكون عند ملك السودان حيث يتسع بلدهم ، ويكثر عددهم اسم بيت المقدس ، فكيف أن يتكلفوا غزوها لبعد تلك البلاد عن النوبة ، وأما بلد النوبة والحبشة والبجاة فصغير الخطة قليل العدد. وإنما هي خرافات مكذوبة باردة.
وفي كتاب لهم يسمى «شعر توما» من كتاب «التلمود» ، والتلمود هو معولهم وعمدتهم في فقههم وأحكام دينهم وشريعتهم ، وهو من أقوال أحبارهم بلا خلاف من أحد منهم ، ففي الكتاب المذكور أن تكسير جبهة خالقهم من أعلاها إلى أنفه خمسة آلاف ذراع حاشا لله من الصور والمساحات والحدود والنهايات.
وفي كتاب آخر من التلمود يقال له «سادرناشيم» ومعناه تفسير أحكام الحيض أن في رأس خالقهم تاجا فيه ألف قنطار من ذهب ، وفي إصبعه خاتم له فص تضيء منه الشمس والكواكب ، وأن الملك الذي يخدم ذلك التاج اسمه «صندلفون» تعالى الله عن هذه الحماقات.
ومما أجمع عليه أحبارهم ـ لعنهم الله ـ أنّ من شتم الله تعالى وشتم الأنبياء يؤدب ، ومن شتم الأحبار يموت أي يقتل. فاعجبوا لهذا ، واعلموا أنهم ملحدون لا دين لهم ، يفضلون أنفسهم على الأنبياء عليهمالسلام ، وعلى الله عزوجل. فعليهم ما يخرج من أسافلهم. وفيما سمعنا علماءهم يذكرونه ، ولا يتناكرونه ، معنى أن أحبارهم الذين أخذوا عنهم دينهم ، والتوراة ، وكتب الأنبياء عليهمالسلام ، اتفقوا على أن رشوا «بولس» البنياميني ـ لعنه الله ـ وأمروه بإظهار دين «عيسى» عليهالسلام ، وأن يضل أتباعهم ، ويدخلهم إلى القول بالإلهية ، وقالوا له : نحن نتحمل إثمك في هذا ، ففعل وبلغ من ذلك حيث قد ظهر.
واعلموا يقينا أن هذا عمل لا يستسهله ذو دين أصلا ، ولا يخلو أتباع المسيح