٤ ـ والربانية : وهم الأشعثية ، وهم القائلون بأقوال الأحبار ومذاهبهم وهم
جمهور اليهود.
٥ ـ والعيسوية : وهم أصحاب أبي عيسى الأصبهاني ، رجل من اليهود كان
بأصبهان وبلغني أن اسمه كان محمد بن عيسى ، وهم يقولون بنبوة عيسى ابن مريم ،
ومحمد صلىاللهعليهوسلم ، ويقولون : إن عيسى بعثه الله عزوجل إلى بني إسرائيل على ما جاء في الإنجيل ، وأنه أحد أنبياء
بني إسرائيل. ويقولون إن محمدا صلىاللهعليهوسلم نبي أرسله الله تعالى بشرائع القرآن إلى بني إسماعيل عليهمالسلام ، وإلى سائر العرب ، كما كان أيوب نبيا في «بني عيص» وكما
كان «بلعام» نبيا في «بني موآب» بإقرار من جميع فرق اليهود.
قال «أبو محمد» (رضي
الله عنه) : وقد لقيت من ينحو إلى هذا المذاهب من خواص اليهود كثيرا ، وقرأت في
تاريخ لهم جمعه رجل هاروني كان قديما فيهم ، ومن كبارهم وأئمتهم ، وممن عصبت به ثلث
بلدهم ، وثلث حروبهم ، وثلث جيوشهم أيام حرب «طيطوس» وخراب البيت ، وكان له في تلك
الحروب آثار عظيمة. وكان قد أدرك أمر المسيح عليهالسلام ، واسمه يوسف بن هارون ، فذكر ملوكهم وحروبهم إلى أن وصل
إلى قتل «يحيى بن زكريا» عليهالسلام فذكره أجمل ذكر ، وعظّم شأنه ، وأنه قتل ظلما لقوله الحق ،
وذكر أمر «المعمودية» ذكرا حسنا ، لم ينكرها ولا أبطلها ، ثم قال في ذكره لذلك
الملك «هردوس بن هردوس» : وقبل هذا الملك من حكماء بني إسرائيل وخيارهم جماعة ،
ولم يذكر من شأن المسيح ابن مريم عليهماالسلام أكثر من هذا.
قال «أبو محمد» (رضي
الله عنه) : وإنما ذكرت هذا الكلام لأري أن هذا المذهب كان فيهم ظاهرا ، فاشيا في
أئمتهم من حينئذ إلى الآن ، ثم انقسم اليهود جملة على قسمين :
قسم أبطل النسخ
ولم يجعلوه ممكنا.
والقسم الثاني
أجازوه ، إلّا أنهم قالوا لم يقع.
وعمدة من أبطل
النسخ أن قالوا : إن الله عزوجل يستحيل منه أن يأمر بالأمر ثم ينهى عنه ، ولو كان كذلك
لعاد الحق باطلا ، والطاعة معصية ، والباطل حقا ، والمعصية طاعة.
__________________