فقال : إلى الجنّة ولا اُبالي ، وقبض قبضة ، وقال : إلى النار ولا اُبالي ».
وقال : كيف يجوز أن يخلق قوماً للنار في أصل الخلق ، ثمّ يكلّفهم طاعته وترك معصيته ، وهل هذا إلاّ ينافي العدل وهو منزّه عنه سبحانه.
إعلم أنّ كلام آل محمّد صلّى الله عليه وعليهم لا يرد عليه اعتراض أبداً ، وإنّما يقع لعدم فهم السامع لمقصدهم وما عنوا به ، وقد جاء في حديثهم عليهمالسلام : إنّ الأرواح خلقت قبل الأبدان بألفي عام ، وأمرها سبحانه وتعالى بالإقرار له بالربوبية ، ولمحمّد صلىاللهعليهوآله بالنبوّة ، ولعليّ ولأهل بيته عليه وعليهم السلام بالإمامة.
فمنهم من أقرّ بقلبه ولسانه ، ومنهم من أقرّ بلسانه دون قلبه ، وهو قوله سبحانه ( وله أسلم من في السموات والأرض طوعاً وكرهاً وإليه يُرجعون ) (١) ثمّ أمر الفريقين بدخول النار ، فدخل من أقرّ بقلبه ولسانه ، وقال الذي أقرّ بلسانه : يا ربّ خلقتنا لتحرقنا ، فثبتت الطاعة والمعصية للأرواح من ثمّ.
ثمّ إنّه سبحانه وتعالى لمّا أراد خلق الأجساد ، خلق طينة طيّبة وأجرى عليها الماء العذب الطيّب ، وخلق من صفوها أجسام محمّد وآله الطاهرين صلوات الله عليه وعليهم أجمعين.
وخلق طينة خبيثة ، وأجرى عليها الماء المالح الخبيث ، ومزج الطينتين بمقتضى حكمته ولطفه ، وعركهما عرك الأديم ، فأصاب كلاًّ منهما لطخ الاُخرى ، فأسكن الأرواح المؤمنة أوّلاً في الطينة الطيّبة ، فلم يضرّها ما أصابها من لطخ الاُخرى ، إذ ليس اللطخ من سنخها وجوهرها ، وأسكن الروح الكافرة في الطينة الخبيثة ، ولم ينفعها ما أصابت من لطخ الطينة الطيّبة ، إذ ليس هو من سنخها ولا معدنها.
__________________
١ ـ آل عمران ٣ : ٨٣.