قال الشيخ : الّذي أعتمده في الجمع بين هذه الأخبار هو أن البيّنتين إذا تقابلتا فلا تخلو أن تكون مع إحداهما يد متصرّفة ، أو لم تكن ، فإن لم تكن يد متصرّفة وكانتا خارجتين ، فينبغي أن يحكم لأعدلهما شهوداً ، ويبطل الآخر ، فإن تساويا في العدالة حلف أكثرهما شهوداً ، وهو الّذي تضمّنه خبر أبي بصير.
وما رواه السكوني من القسمة على عدد الشهود ، فإنّما هو على وجه المصالحة والوساطة بينهما دون مرّ الحكم ، وإن تساوى عدد الشهود اُقرع بينهم ، فمن خرج اسمه حلف بأنّ الحقَّ حقّه ، وإن كان مع إحدى البيّنتين يد متصرّفة ، فان كانت البيّنة إنّما تشهد له بالملك فقط دون سببه ، انتزع من يده ، واُعطي اليد الخارجة ، وإن كانت بيّنته بسبب الملك إمّا بشرائه ، وإمّا نتاج الدابّة إن كانت دابّة أو غير ذلك ، وكانت البيّنة الاُخرى مثلها ، كانت البيّنة الّتي مع اليد المتصرّفة أولى.
فأمّا خبر إسحاق بن عمّار أن من حلف كان الحقّ له ، وإن حلفا كان الحقّ بينهما نصفين ، فمحمول على أنّه إذا اصطلحا على ذلك ، لأنّا بيّنا الترجيح بكثرة الشهود أو القرعة. ويمكن أن يكون الإِمام مخيّراً بين الإِحلاف والقرعة ، وهذه الطريقة تأتي على جميع الأخبار من غير إطراح شيء منها وتسلم بأجمعها ، وأنت إذا فكّرت فيها رأيتها على ما ذكرت لك إن شاء الله ، انتهى.
أقول : ويأتي ما يدلُّ على بعض المقصود (١) ، ولعلّ ما خالف قول الشيخ محمول على التقيّة.
__________________
(١) يأتي في الباب ١٣ من هذه الأبواب.