هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ) (١).
فعمومية الهداية التشريعية لكلّ مكلّف في الأرض تنفي الجبر وتثبت الاختيار ، إذ في وسع كل إنسان أن يهتدي بعقله وبما خصّه سبحانه به من هداية الأنبياء والرسل والزبر والكتب ، فإذا سادت الهداية التشريعية على عامة الأفراد لما بقي للجبر مكانة.
إنّه سبحانه يصرّح في بعض آياته بأنّه لا يعذّب قبل بعث الرسل أو لا يهلك القرى إلّا بعد بعثهم قال سبحانه : (وَما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولاً) (٢) وقال سبحانه : (وَما كانَ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى حَتَّى يَبْعَثَ فِي أُمِّها رَسُولاً) (٣) كما أنّه يؤكد في بعض الآيات على صحة منطق الإنسان ويقول : (وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى) (٤) وهو بنقله احتجاج الإنسان على الله إذا لم يبعث الرسل ، يقرّر صحته ، ولأجل هذا لم يكن هناك هلاك إلّا وقد سبقته الهداية الإلهية العامة ، كإرسال الرسل وغيره.
فإذا كان ملاك الجبر والاختيار هو ضيق الهداية الإلهية أو
__________________
(١). الإسراء : ٩.
(٢). الإسراء : ١٥.
(٣). القصص : ٥٩.
(٤). طه : ١٣٤.